الاثنين، 24 مارس 2008

الصمود في مواجهة معركة التحقيق والاعتقال.......الجزء الثاني


الصمود في مواجهة معركة التحقيق والاعتقال.......الجزء الثاني


5- أسلوب الصديق والوحش :-
يعتبر هذا الأسلوب من أكثر الأساليب شيوعاً ، وفي معظم مراحل التحقيق وبخاصة مع البسطاء وغير المجربين ، وهو من اكثر الأساليب تورية وخداعاً وتضليلاً .
ولتنفيذ هذا الأسلوب يشترك اثنان من المحققين في كل جولة تحقيق على الأقل يظهر أحدهم بمظهر المجرم السفاح ،وقاسي القلب والطبع ، مبتذل في الفاظه وسلوكه لا يحترم شيئاً أو أحداً ، لا وظيفة له سوى التعذيب والقسوة والرغبة في الاجرام محاولا أن يثبت شخصيته في ذهن المعتقل ويدخل الرعب في قلبه ويجعله يحسب له ألف حساب . والآخر يظهر كانسان لطيف ومهذب يرفض الأساليب غير الحضارية ، ويظهر استياءه من اي قسوة أو سلوك عنيف أو تعذيب ، ويلقى بثقله إلى جانب المعتقل محاولاً مساعدته وتخليصه من بطش المحقق المرعب . أحدهما يهاجم المعتقل والآخر يحميه ، أحدهما يكشر ويقوم بحركات بهلوانيه ويهدد ، والآخر يبتسم ويطمئن ، أحدهما يحرم من الماء والذهاب لدورة المياه ، والآخر يقدم الماء والقهوة والسيجارة ، أحدهما يمارس العنف والقسوة والبذاءة ، والآخر يواجهه بالكلام المعسول والنصح الأخوي والشفقة وروح العطف والصداقة .
هذا الجو المصطنع في ظل هذه الثنائية التي تبدو ظاهرياً متناقضة يشكل مدخلاً للتحقيق وإذا ما انطلت الحيلة على المعتقل فإنه سيختار أن يبقَ في كنف الصديق ، وسيكتشف في الجولات القادمة حجم الخدعة عندما يتحول هذا الصديق إلى عدو ووحش مفترس وسيدرك اللعبة متأخراً .
فباللين يمكن خلق جو ودي وحواري يتم فيه الأخذ والعطاء ، وشرح الوقائع ، وايجاد أرضية ملائمة للانسجام النفسي بين المحقق والمعتقل ، وتطويعه للاعتراف أو عقد صفقة مع المحقق ( تعترف وأحميك من الضرب ) أو يطرحها المحقق كشعار (الحماية مقابل الاعتراف ) أو ( عمق الحماية بعمق التعاون والاعتراف ) ، وإذا أبدى المعتقل ممانعة في الاستجابة لخطة وسيناريو المحقق فإنه لا يلبث أن ينزع القناع عن وجهه اللئيم ، أو يدفع به إلى المحقق الوحش وبعد جولة من التعذيب يعود إليه ويلومه لأنه لم يسمع كلامه ونصائحه ، ويعلن انسحابه وعدم تدخله بالأمر مرة أخرى ، ويترك المجال للمحقق الوحشي في استخدام طريقته العنيفة ، وفجأة يدخل المحقق الآخر (الصديق) ويبدأ في تمثيل دوره من جديد حيث يأخذ بالصراخ على المحقق الوحشي ماذا تفعل .. استغليت الفرصة واستمريت في ضربه .. ابتعد عنه .. لا علاقة لك به .. هل هو حمار .. أليس لك أولاد .. ألست انساناً .. أخرج من هنا .. سأطلب محاكمتك .. ثم يتوجه إلى المعتقل قائلاً : تعال يابني .. اجلس هل تريد ماءً .. أنا آسف على ما حصل .. ليتك سمعت كلامي .
إن المحقق الصديق لا يهدف إلى الخداع وحسب بل الأهم من ذلك هو ايجاد جو من الألفة بينه وبين المعتقل تمهيداً للحصول على اعترافات هامة ، ويتطور معه إلى أشكال جديدة من الحوار ( غسيل الدماغ ) باستخدام أسلوب التشكيك بالحركة والجهاد ، والتركيز على المصير والمستقبل الشخصي ، وربما يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك كطلب التعاون مع المخابرات عند خروجه كحالة اختراق وتوقيعه على تعهد بهذا الشأن مقابل امتيازات وحوافز .
وبالرغم من أن هذا الأسلوب هو أوسع الأساليب شيوعاً واكثرها استعمالاً .. إلا أنه من أكثرها هشاشة وقابلية للكسر . فالمحقق الصديق يبقى يمثل هذا الدور المزيف طالما اللعبة تنطلي على المعتقل ولكن في حالة الفشل يتحول إلى وحش كاسر . وان فهم هذه اللعبة / الأسلوب شرط من شروط افشالها . وأن عدم الانسجام والانخداع بالمحققين سوف يدفع بهما إلى اليأس واستخدام التعذيب المكشوف دون أي غطاء أو حيلة ، والبحث عن أسلوب آخر . كما أن الدفاع عن النفس يكون بالصبر وعدم تعريض الحركة واخوانه للخطر ، وعدم تدنيس سجله الجهادي بالاعتراف والخيانة . ويجب أن يعِ المعتقل بشكل قاطع لا يدخله الشك أن رجال المخابرات والمحققين لا يمكن أن يكونوا أصدقاء للحركة وأفرادها وأهدافها ونشاطاتها وان تظاهروا بذلك ، وكل ما في الأمر أنهم يفعلون ما يساعدهم على تحقيق أهدافهم بالخداع أو الارهاب أو الاذلال والسحق .. فكيف يكون رجال المخابرات والمحققون أصدقاء وهم متورطون في بحار من الدماء والظلم والاعتداء على كرامة الانسان وحريته وحقوقه ، وهم يحادّون الله ورسوله والذين آمنوا ، وهم يتعاونون مع العدو الصهيوني في حربه الشاملة ضد حركتنا وأطرها وأهدافها .

6- أسلوب تعدد المحققين :-
يتخصص في أغلب الأحيان في التحقيق مع المعتقل الواحد محقق واحد أو اثنين على الأكثر بصورة مباشرة ، ويعملون تحت اشراف مسؤول والذي يعتبر من طاقم التحقيق بشكل غير مباشر ، وذلك حتى يتمكن طاقم التحقيق من السيطرة على العملية والمتابعة الدقيقة ، كما أنه لا مبرر لوجود أكثر من هذا العدد إلا في حالات محدودة وفي المراحل النهائية من التحقيق وذلك :-
1- للتأكد من النتائج التي توصل إليها المحقق أو طاقم التحقيق المباشرون للعملية ودراستها وتقيمها .
2- ممارسة نوع من التحقيق المكثف في ساعات قليلة من قبل عدد كبير نسبياً 7 أو 8 وربما 10 محققين يعملون في آن واحد وكلهم يسألون ويضربون ويمارسون كل أساليب التحقيق دفعة واحدة .
3- وأحياناً من أجل دراسة نفسية وصلابة المعتقل في محاولة للبحث عن ثغرة او تحديد الأسلوب الأجدى للتعامل معه واخضاعه .
4- وأحياناً أخرى من أجل تدريب المحققين المستجدين واكسابهم خبرات عملية ،ولكن دون اشعار المعتقل بذلك ، وانما قد يوحون اليه بأنه خطر ولديه معلومات هامة مما تطلب أكثر من محقق لمعرفة نفسيته وتقييم ردود فعله ، وارهاقه نفسياً وذهنياً .
فهذا الأسلوب يقوم على مهاجمة المعتقل من عدة جهات ومحاصرته بغية ارباكه وتشتيت أفكاره والايقاع به ، أحدهم يسأله عن اسمه ، وآخر عن الذي نظمه ، وثالث عن العمل العسكري أو الأسلحة ، ورابع يضربه بعنف ، وخامس ينصحه بمطاوعته والاعتراف ، وسادس يهدده وسابع يحدق به وينظر إليه بصمت ، وثامن يحضر أدوات التعذيب .. وهذا الوضع قد يستمر نصف ساعة أو ساعة لتحقيق الأهداف التالية :-
1- وضع المعتقل في حالة جديدة باظهار الاهتمام الزائد به وبقضيته مما يستوجب مشاركة هذا العدد من المحققين .
2- دراسة التحقيق ومجرياته عن قرب ، وذلك لتقييم المراحل السابقة بشكل جماعي .
3- بلبلة وارباك وتشتيت أفكار المعتقل وعدم افساح أية فرصة أمامه للتفكير بالأسئلة الموجهة إليه مما قد يؤدي إلى التخبط أو أن يزل لسانه .
4- وضع تقييم شامل لعملهم وللأساليب السابقة ، وتقدير موقف المعتقل بأنه ليس لديه شيء يقوله ، او انه قال كل شيء ، أو أنه قال شيئاً ولن يقول شيئاً جديداً ...
إن جولة المحققين المتعددين هي في صالح المعتقل غالباً بناء على الأهداف المذكورة أعلاه ، فهم لم يأتوا لمساعدة المحققين المباشرين بالدرجة الأولى وانما ليقولوا كلمتهم فيما يجري ، وهذه فرصة للمعتقل والمحقق معاً : فالمحقق يريد أن تحظى جهوده وتقييماته بتأييد المسؤولين والمحققين الآخرين يشاركوه تحمل مسؤولية التقييم ،وإذا أصر المعقتل على الصمود فإن موقف المحقق سيتغير لصالحه . وسيقوم بجولات أخرى أقرب إلى الحوار الفكري والسياسي ، وربما ينتهي التحقيق بعدها .
إن المرحلة التي يتعدد فيها المحققون هي مرحلة حاسمة في مسار التحقيق ليس بسبب الضغوطات والعنف الذي مورس فيها فهو عادة قليل ولفترة قصيرة نسبياً ، بل لأن حالة الصراع كانت متوازنة بين الطرفين ، أو أنها أخذت تميل لصالح المعتقل إن كان صامداً ، أو أن تكون جولات التحقيق قاربت على النهاية ، لذلك تتطلب هذه المرحلة من المعتقل الدقة والصمود لتثبيت النتائج لصالحه .
كما أن تغير المحقق أو طاقم التحقيق لا يهدف إلى اعطائهم اجازة أو راحة من العمل بل هو في الغالب ناشئ عن عدم الثقة بنجاعة أساليبهم فيما لو استمروا هم ، أو عدم الثقة بتقييم المحقق من قبل المسؤولين وهذا يترك انطباعاً معيناً لصالح المعتقل في أذهان المحققين الجدد ، كما هي علاقة بارزة للمعتقل أنه تجاوز الخطر وقد يربح المعركة أجلاً أم عاجلاً . بمعنى أن المحقققين يبدأون من نقطة فشل المحققين السابقين في حين يبدأ المعتقل من نقطة انتصاره على محققيه السابقين .
وأخيراً قد يكون تغيير المحقق من أجل ادخال خبراء في علم النفس ، أو التنويم المغناطيسي ، أو جهاز كشف الكذب لدراسة حالة معتقل والتأثير عليه ، ولكن هل هذه الاجراءات تأتي على خلفية ضعف أو فشل المحقق أو طاقم التحقيق الذي يباشر العمل في القضية .



7- تشتيت الأفكار :-
إذا كانت الممارسات والأساليب التي يتبعها المحقق تهدف إلى تحطيم شخصية المعتقل ، ونفسيته ، وصموده فإن تحطيم تماسكه ، وتشتيت اتساق تفكيره تشكل خطوة هامة لتحقيق هذا الهدف ، لأن المعتقل عندما يكون ثابتاً ومتماسكاً ومترابطاً في أفكاره فإن ردود فعله تظل واعية وتشكل سداً منيعاً يحميه من هجمات المحققين ، وهذه الحقيقة تدفع المحققين إلى زعزعة أركان المعتقل واشغال تفكيره في أكبر عدد من القضايا ، وجره إلى التفكير إلى عدد من الحلول والمخارج ، أي ترتيب سيناريو محدد للخروج من المأزق ، وتبرير العلاقات والاتصالات والسفر والخيارات المطروحة عليه ، وغالباً ما يستخدم المحقق بعض المؤشرات او القرائن أو الايحاءات العامة أو التهديد بمواجهته مع أحد المعتقلين الذين اعترفوا عليه ، وقد يوهمه بأنه أدلى بمعلومات كثيرة بينما كان نائماً في زنزانته وأنهم سجلوا كل أقواله . فإذا كان المعتقل بسيطاً ، وساذجاً أو منهاراً فإنه يلاحق كل شيء قاله المحقق بفكره وتصوراته ، وينسج من العدم خيالات وشطحات بعيدة ثم يشك في وضعه ، ثم يشك في اخوانه في الزنازين أو في الخارج ، وهنا سيتداعى سيل من التفكير السلبي ( المرضي ) في كل اتجاه ، وازاء كل فرد أو حادثة مهما كانت صغيرة ، بمعنى آخر إن استجابة المعتقل لهذا الأسلوب تجعله يفكر على وجه السرعة ودون تدقيق وتدبر بعدة أشياء متناثرة ليس بينها ترابط على الاطلاق ، ويمتد به الخيال المرضي إلى فرضيات لم تحدث معه ويعتبرها حقائق ثابتة يبني عليها تصوراته الواهمة .. في حين أن المعتقل الذي لديه مقداراً مقبولاً من الثقة بالنفس ، والوعي بحيل المحققين يدرك تماماً أن كل ما يقولونه محض افتراء ولعبة زائفة ترمي إلى تشتيت تفكيره ، وشل قدرته على السيطرة والتركيز والتي هي شرط لافشال محاولاتهم البائسة . إن سبيل المعتقل لاجتياز هذا الاختبار هو صرف اهتمامه عما يقوله المحقق ، واستنفار عناصر القوة والتماسك والفطنة في شخصيته ، والشعور بالاستعلاء عليه واظهار عدم التأثر ويمكن أن يسأله المعتقل : عن ماذا تتحدث ، ربما تقصد شخصاً آخر غيري .. لقد سئمت من تكرار هذه الكلمات التي لا معنى لها .. هل تريد أن تورطني رغما عني .. هل تعتبرني كبشاً لتحقق مكاسب وظيفية ( رتبة ، ترقية ، حوافز...) على ظهري .. هل هناك حسابات قديمة بيني وبينك وتريد أن تصفيها معي الآن .. الخ . إن التغلب على هذا الأسلوب يكمن فيادامة السيطرة على التوازن الذهني وعدم الانسياق وراء ادعاءات وافتراءات المحقق ، وصرف الانتباه عن ما يقول والانشغال في الذكر واستحضار المعاني الايمانية والجهادية التي تثري الصمود وتعززه ، وأحياناً ابداء عدم الاكتراث والسخرية بما يقوله .

8- التركيز على العواطف والقيم الاجتماعية :-
مثلما يعمل المحقق على تشتيت الافكار لدى المعتقل بهدف زعزعة صموده فانه يستفرد فيه من جهة ثانية مركزاً على الجوانب الانسانية والعاطفية والأخلاقية لديه .
ولا توجد معايير أو أخلاقيات تمنع المحقق من استخدام أي أسلوب يعتقد أنه مؤثر في صمود المعتقل ، وفي هذا الاتجاه قد يهدد المعتقل باحضار الزوجة أو الاخت أو الأم أو البنت إلى دائرة المخابرات أو الاعتداء على شرفه ، أو أن يستمر المحقق بالحديث عن البيت والأولاد والزوجة والأهل .. او توريطه في قضية زنا أو تهريب مخدرات ، أو تصويره في شكل فاضح ، او عمل دبلجة صوتيه أو مونتاج لصورة تظهر جوانب مخلة بالشرف والأدب ومخالفة للقيم الاخلاقية ...
إن مجتمعنا الاسلامي المحافظ يخشى العار ، تهمه سمعته ، لذلك فإن المعتقل البسيط أو المنهار يأخذ في البداية بالمقارنة بين ادعاءات وافتراءات المحقق من جهة والاعتراف على حركته من جهة ثانية ، ومنهم من يحاول المحافظة على شرفه المهدد أو تهمة قد توجه إليه تسقطه في المجتمع وبين أهله واصدقائه ، ويختار افشاء اسرار الحركة واخوانه وتوريط أكبر عدد منهم وكأنه يعطي المحقق فرصة أكبر للحصول على معلومات قد تدينه أكثر مما تدين الذي ألقي القبض عليهم وحقق معهم .
إن المعتقل الصلب والواعي لا تهزه هذه الأساليب اللاأخلاقية ، وتجعله يدرك كم هي الحقارة التي يتمتع بها المحقق وبالتالي يجب أن تستفز كبرياءه وصموده وتحديه ومنع الرضوخ لتهديدات المحقق ، كما يجب أن يعِ المعتقل أن الاستجابة لمؤثرات المحقق سوف تجعله يركز على هذا الأسلوب بما أنه يشكل نقطة ضعف عنده للضغط عليه وابتزازه وأخذ افادة منه قد تكون من المعلومات التي اعترف بها بقصد توريط الحركة في أعمال ونشاطات تشكل مبرراً لضربها ومطاردتها .


9- المفاجأة والصدمة :-
من المفروض أن للمفاجأة وقع خاص على ذهنية الناس وبخاصة عندما تكون غير متوقعة ، وقد تحدث بلبلة وتشويش عنده لفترة قد تطول أو تقصر تبعاً لاستعداد الناس وقدراتهم على تحمل الصدمات . والمعتقل الذي يظن أنه الوحيد الذي اعتقل من مجموعته ، وأن فلاناً تحديداً لن تطوله أيدي المخابرات ، أو أن فلاناً الذي اعتقل معه يعتبر مثالاً في الصلابة والصمود وبالتالي فإنه في مأمن من اعترافه عليه أو الوشاية به ، أو بأسرار الحركة ، ولكن كل هذه الأمور أو بعضها تسقط فجأة فإذا بالمعتقل يكتشف أنه ليس الوحيد الذي اعتقل في الضربة ، وأن الشخص الذي كان يظن أنه بعيد عن أيدي المخابرات يقيم في الزنزانة المجاورة ، أو أن الشخص الذي يعتبره مثاله في الصمود قد انهار واستسلم واعترف عليه وأدلى بمعلومات دقيقة وخطيرة لا يعرفها أحد ، ويأتي المحقق ليضعه وجهاً لوجه أمام اخوانه فإن هذا المعتقل قد يصعق ويصدم لهول المفاجأة ، ولا شك أن هذا النوع من المفاجآت يسبب صدمة قوية ، أو على الأقل تثير التشويش في ذهن المعتقل ، وهذا ما كان يهدف إليه المحقق عندما لجأ إلى ابلاغ المعتقل أو مواجهته باخوانه لفتح ثغرة في جدار صموده وينفذ فيها إلى داخله ( نفسه ) . ابتغاء الحصول على تعاونه واعترافه . واضعاً أمامه الحقيقة التالية :- انتهى كل شيء ، وما تملك الا أن تعترف وإذا كان للخبر المفاجئ أو الحدث غير المتوقع تأثير على ذهنية ونفسية الانسان بشكل عام فإنعلى المعتقل أن يكون مستعداً لكافة الاحتمالات وليكن شعاره في التحقيق ( توقع ما لا يتوقع ) أو توقع اسوأ الاحتملات ، وبدلاً من أن تثير المفاجأة استجابة فورية (الصدمة) واستعداداً للانهيار والاعتراف يجب أن تعزز الصمود الداخلي ، وتوظيف الصمود السابق في استياء الموقف المفاجئ . لأن المعتقل المعد عقائدياً وسياسياً ، والمعد نفسياً وأمنياً لمواجهة التحقيق وأساليبه لن تفوته فرصة ادراك غاية المحقق عند استخدام أسلوب المفاجأة والصدمة ، او توقيت هذا الأسلوب في لحظة أو جولة محدودة ، ومن يستطيع الصمود في مواجهة الأساليب السابقة بامكانه الصمود بجدارة بهذا الأسلوب وغيره حتى النهاية ، ولابد ان تعتمل في نفس المعتقل المفاهيم التالية :( فلان اعترف عليّ ، انه فقط اعترف على نفسه ، وهو يعبر بذلك عن نفسيته المهزوزة والمنهارة ، واذا كان فلان فعلاً قد اعترف فأنا لن تهز لي قناة ولن أرضخ لارادة المحقق وسأحمل بنفسي عبء الصمود تلبية للعهد الذي قطعته على نفسي وصيانة لأمن الحركة وأسرارها مهما غلا الثمن ) ...
إن المحقق وهو يستخدم أسلوب المفاجأة : عاطفية كانت أو سياسية أو معلومات هامة أو انهيار مسؤول أو فرد .. الخ فإنه لا يتبرع بتقديمه المفاجآت اعتباطاً ، بل هو يتَّبِع أساليب عديدة ارهابية وتشكيكية . وتهيئة أجواء نفسية معينة ثم يقدم لعبته ، ومع ذلك فإن هذا الأسلوب قابل للفشل ، لأن المفاجأة قد لا تسبب صدمة لأي معتقل بدرجة واحدة ، كما أن المحققق يدرك بأنه ليس كل معتقل يمكن مفاجأته ، وبالتالي فإن المعتقل قد يستفيد من معلومات المفاجآت ليس لكي يصدم انما لفهم وضعه في التحقيق مما يسهل عليه حسن التصرف واستمرار الصمود . وهنا لابد من التذكير بحقيقة هامة لا يجب ان تفوت المعتقل ابداً وهي أن الأفكار أعظم من الأشخاص وأن مسؤولية الاعتراف فردية يتحملها الشخص المنهار وحده ، أما المعتقل الصامد فإنه يعتبر ما حدث هو الزبد الذي يذهب جفاء ، والمختبر الذي يحلل طبيعة الناس ، وأن المحققين هم سقط المجتمع وأحقر صنف فيه اندفعوا للعمل في هذا المجال لدوافع نفسية مرضية وقذرة . وأن أسلوب المفاجآت والصدمات وغيره من الأساليب ما هي إلا مبادرة محبوكة ، وتكتيكات مصطنعة بهدف ايجاد حالة نفسية ضعيفة قابلة للتعاون والاعتراف وتهديد أمن الحركة وأطرها وأفرادها ومصيرها . والمناورة المضادة التي يشنها المعتقل تقوم على أنه ليس لديه شيء يقوله ، ولا يعرف شيئاً يقوله ...

10- أسلوب الشراء وعقد الصفقات :-
إن المحقق يحاول البحث دائماً عن حلقة ضعيفة داخل المعتقل للنفاذ من خلالها اليه وتحقيق النصر ، ومن الحلقات التي يلجأ المحقق إلى الضرب عليها هي عقد الصفقات والشراء بحيث يصور للمعتقل الصامد الذي أفشل أساليبه بأن وضعه سيء للغاية ، وأنه باق في التحقيق إلى ما لا نهاية ، وان اعتقاله سيكون طويلاً ومرتبط بقراره ولا حل أمامه للخلاص من ذلك إلا بالتعاون مع المحقق وخدمة المخابرات في التحقيق مقابل الافراج عنه بعد أن يدلي بكل ما لديه من معلومات ، ويمكن التعبير عن هذا الأسلوب التجاري الخسيس بـ ( التعاون مقابل الافراج ).
إن المحقق يلجأ لهذا الأسلوب في الغالب للتغلب على حالة الفشل التي مُني بها أمام المعتقل ، ويريد أن يظهر امام مسؤوليه بصورة مشرفة ، او في حال نجاح صفقة شراء المعتقل فإنها تكون ثغرة ملائمة ليس للحصول على المعلومات التي لدى المعتقل بل لاختراق التنظيم أو الحركة في صميمها ، أو ليكون اداة بيده لارغام معتقلين صامدين على الاعتراف واضعاف صمودهم من خلال استخدام أسلوب المفاجأة والصدمة ، والتشكيك وهز الصلات .. وسواء كان العرض هذا صورياً أو جاداً فإن المعتقل ان قبل هذا العرض يكون قد خان الأمانة وتعاون مع المحقق على اخوانه وكان سبباً في خلخلة الصف ، وارباك صمود آخرين . ولكي ينجح المحقق في تمرير هذه الخدعة والتأثير في نفس المعتقل البسيط والساذج يصور المسألة بشكل متكامل : ( تعاون معي ، وسأكتم كل شيء .. لن أعتقل أحداً ، ولن اخبر أحداً بشيء .. ستخرج .. وسنعطيك فلوساً او امتيازات معينة .. تعاون معي .. وسنكتم الأمر .. وبالتالي يمكنك أن تخرج بطلاً .. وتقول لاصدقائك أنك صمدت في التحقيق والتعذيب .. وتحملت كل الألم في سبيل الله ولم تقل للمخابرات شيئاً .. ونحن من طرفنا لن نعتقل أحداً .. فسيصدقوك .. وربما تصبح مسؤولاً كبيراً معهم ومعنا .ونحن ندبر أمر اعتقال او مراقبة الآخرين دون أن نثير الشبهة تجاهك ، ولن نعتقل أحداً الا بعد استشارتك ) .
أما اذا كان المعتقل قد اعترف جزئياً ويحتاج المحقق الحصول علىكل ما عنده فإنه يطلب من المعتقل الاعتراف بكل ما لديه وسيكون شاهداً في المحكمة وليس متهماً ، أو أن الاحكام التي ستصدر عن المحكمة لن تكون عالية ( سنة واحدة وتخرج ) .
إن المحقق لن يجد طريقاً باستخدام هذا الأسلوب إلا عند المعتقل الجبان والجاهل والمتخاذل الذي يعطي فرصة للمحقق أن يوسع الضربة الأمنية للحركة ويشل فاعليتها وضعف هامش تحركاتها .. اما المعتقل العقائدي الصلب فإنه يعتبر مجرد السماح للمحقق في سرد أكاذيبه وخدعه مساس بالتزامه العقائدي ، وخيانة للأمانة ، وتخلياً عن المسؤولية ، وتولياً في معركة التحقيق وطعناً لاخوانه في الظهر ، وهو يكون في هذه الحالة اقرب إلى عنصر الاختراق لصفوف الحركة خدمة لأهداف جهاز المخابرات الذي لا يجد حرجاً أن يبيع معلومات أو يتبادلها أو يهديها لاثبات مصداقيته للاعداء الذين يتربصون بنا الدوائر ، وبما أن المحقق ومن ورائه جهاز المخابرات لا يتورع عن استخدام أي أسلوب منحط ولا يتورع عن نقض الاتفاق من طرفه واستخدام المعلومات وبذلك يكون المعتقل ألعوبة في أيدي المخابرات والمعلومات التي اخذت منه نقطة ضعف عنده للمساومة وفرض الشروط الخيانية عليه .

11- الحرق السياسي والتشهير :-
من المعلوم أن المجاهد يعتز ويسمو بالتزامه العقائدي والجهادي وانتمائه إلى حركة تجسد معاني التضحية والفداء ، ولكن لا يحصل المجاهد على هذا الشرف إلا عبر مسيرة طويلة من الكفاح والعطاء واثبات الوجود في كافة المعارك التي يخوضها ، وهو في هذا الاتجاه يأبى أن يكون مع الخوالف والمتخاذلين واللامبالين ، مثلما يرفض ان يضع نفسه في موضع شبهة مهما كان ضئيلاً ويسيراً حفاظاً على الراية التي يحملها ، ويبذل الغالي والنفيس من أجل بقائها عالية خفاقة . ولأن المحقق يدرك مدى اعتزاز المعتقل بعقيدته وجهاده ، وبذله وعطائه ، والصورة التي تكرست من خلال كفاحه ونشاطه فإنه يحاولالمس بهذا الشرف باستخدام الأساليب القذرة من اهمها التشهير والحرق السياسي ، والمخابرات تركز في استخدام هذا الأسلوب على ثلاثة انواع من المجاهدين :-
1- مجاهدون ذوو سمعه وطنية وجهادية عالية ونظيفة ومتفانية ، حيث تقوم المخابرات ببث الاشاعات عنهم بأنهم اجتمعوا معهم في امور سياسية أو اجتماعية أو غير ذلك مما يوحي بوجود تفاهم بينهم وبين المخابرات .
2- معتقلون عقائديون صمدوا ولم يدلوا بمعلومات خلال جولات التحقيق معهم . والأمر هنا اكثر أهمية وخطورة لأن المعتقل يكون في وضع مغلق لا يستطيع أن يتحكم بصورة ما يصدر عنه ، وكيفية نقل كلامه إلى الرأي العام أو تنظيمه ، وهناك صورة أخرى حيث يتعمد المحقق أن يضع المعتقل في ظروف تستدعي الشبهة كأن يتداول مجموعة من رجال الأمن الحديث العادي والنكت والضحك مع معتقل صامد ويطلب من معتقلين آخرين المرور على هذه الجلسة ورؤية صاحبهم على هذه الحالة ، أو قد يكون التمييز في الرفاهية لبعض المعتقلين على حساب آخرين واعلامهم بذلك مما يثير الشبهة ويؤدي الى التشهير والحرق السياسي .
وهناك نماذج أكثر اثارة وخبثاً يعبر عنها رجال التحقيق كاسقاط بعض التهم من لائحة الاتهام عن احد المعتقلين الصامدين الذي اعتقل ضمن مجموعة وتمرير هذه اللائحة على المعتقلين الآخرين ، أو الأفراج عن واحد أو اكثر من المعتقلين وترك البقية في التحقيق مما يوحي بوجود تآمر أو تعاون بين المخابرات والمفرج عنهم وبالتالي التشهير بهم وحرقهم ، وأحياناً يلجأ المحقق الى التحقيق مع جميع أفراد المجموعة باستثناء واحد منهم ثم ينقل هذا المعتقل إلى زنزانة اخرى مما يثير الهمس واللمز والتشهير .. أو قد يفرج عن معتقل صامد في ظل ظروف معينة ومرتبة مسبقاً لحرقه سياسياً والتشهير به كأن يفرج عنه في منطقة تطوقها اجهزة الأمن أو ما شابه ذلك ، ويُلقى القبض عليه مرة أخرى بتهمة أخلاقية او تهريب وتجارة مخدرات وينشر اسمه في الصحف ووسائل الاعلام .
3- معتقلون عقائديون تنتقيهم المخابرات ليكونوا كبش فداء تغطي بهم على عملاء ومخبرين حقيقيين ، حيث يجري انتقاء معتقل صامد وتشير إلى انه هو الذي وشى أو اعترف على جماعته ، وانه متعاون مع المخابرات بالخفية وأن كل المعلومات التي لديهم أدلى بها هذا المعتقل وذلك للتغطية على المخبرين الحقيقيين .
إن المعتقل الساذج ونتيجة الهمس والغمز واللمز والمضايقة التي يجدها من أخوانه المعتقلين الذي سقطوا في شرك المخابرات وظنوا بأخيهم ظن السوء قد يلجأ إلى مقابلة أحد المعتقلين الذين يظن بهم خيراً لمظهرهم الخارجي واتقانهم للدور ويفضي له بمعلومات خطيرة وخاصة حول نشاطاته وموقعه كأدلة وبراهين على نظافته وأصالته وأنه لا يزال صامداً على العهد ، وقد يكون هذا الشخص متعاوناً مع المخابرات ويسرب معلومات إليهم تكون سبباً في ادانته أو فتح ثغرة ينفذون منها إليه .
بينما المعتقل الصلب المدرك لتكتيك المعركة التى يشنها المحققون يتحمل كل هذا الضيق ، ويحاول ان يخلص نفسه من الصراع الوهمي ويبدؤه بالدعاء الى الله تعالى بالفرج والافراغ عليه من الصبر وتثبيت الاقدام ، وما عليه الا أن يصمد ولكن هذه المرة ليس امام المحقق وانما امام اخوانه شركائه فى الدرب والجهاد 00ويظل على يقين ان المخابرات هي وراء هذه اللعبة القذرة وعليه ان يهزمهم فى عقر دارهم .
كما أن المخابرات قد يضعون المعتقل في زنزانة كبيرة نسبياً إلى جانب معتقلين ساقطين أو عملاء مدسوسين يمثلون أدواراً لعناصر من تنظيمات إسلامية أو فلسطينية أخرى أو من التنظيم الذي ينتمي إليه في صورة مصغرة عن " غرف العار " أو العصافير في سجون الاحتلال فيحاول هؤلاء اظهار وطنيتهم ونشاطاتهم ويتهمون المعتقل بأنه عميل وصنيعة للمخابرات فيعملون على مضايقته ، ويطلبون اخراجه من عندهم لاثبات وطنيته ومصداقيته فتؤخذ أقواله وترسل جاهزة إلى المخابرات حيث يواجه بها عند التحقيق معه ...
إن الرد العملي على هذا الأسلوب المشين الذي تشهده المخابرات مع المعتقل هو صموده وعدم اهتزازه قيد انمله ، والمحافظة على أعلى درجات السرية التي هي عماد العمل الجهادي ، وطرد من يحاول أن يؤثر على نفسيته ويشوش ذهنه او يشوه اخوانه وقيادته ، ولو يتيقن أن واحداً منهم أو أكثر قد سقط في امتحان التحقيق وليتذكر قوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } ، وأن المؤمن يربط موقفه ومسيرته ومصيره بالله تعالى وليس بالأشخاص حتى لو كانوا أنبياء { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على اعقابكم ، ومن ينقلب على عقبية فلن يضر الله شيئاً } وانما يضر نفسه بالدرجة الأولى واخوانه الآمنين بعده .

12- جهاز كشف الكذب :-
مع أن هذا الأسلوب يمكن أن يندرج تحت الأساليب العصبية إلا أنه وبسبب كونه نوعاً من اللعبة فهو ذو آثار نفسية يهدف إلى الانخداع الذي يسبب الزعزعة والمحاصرة وكأن الأمر انتهى ولم يبقَ سوى الاعتراف .
ما هو جهاز كشف الكذب :-
ليس المقصود هنا وضع تركيبة الجهاز من الناحية الميكانيكية وانما التركيز على وظيفته ودوره في التحقيق. فبالرغم من ندرة استعماله إلا أنه موجود ومن ضمن امكانات أجهزة التحقيق . وهو عبارة عن آلة مركبة وظيفتها قياس خصائص ونشاطات فيزيائية في الجسم مثل درجة الحرارة ، والضغط ، دقات القلب .. إنه كأي جهاز طبي ولكنه يستعمل بناء على تقديرات تفيد بأن الترددات ستتغير إذا تعرض الانسان للاحراج او الارباك أو اية آثار داخلية .
وفي الوضع الطبيعي فإن الذي يجهد نفسه بحمل شاق او ممارسة رياضية معينة كالركض مثلاً .. أو الانسان الخائف من شيء ما تزداد دقات قلبه ، وربما ترتفع حرارة جسمه ، ويتصبب عرقاً ويزداد ضغطه .. هذه النتائج الطبيعية تستغل عند التحقيق بعد الايحاء له بانه سيوضع على جهاز كشف الكذب الذي سيبين إذا ما كانت اقواله صحيحة أم كاذبة . فيوضع المعتقل على الجهاز ويتم وصل أطرافه وجسمه وأذنيه بأجهزة متعددة وهي :
1- جهاز قياس ضغط الدم 2- جهاز قياس دقات القلب 3- جهاز قياس الومضات العصبية والعضلية في الأصابع 4- جهاز قياس درجة الحرارة واختلافها 5- جهاز قياس التنفس . ثم يشغل الجهاز ويكون المعتقل في جو وطبيعة ملائمة ومؤثرة ويبدأ الجهاز قياس الظواهر الفيزيائية في الجسم في ضوء توجيه بعض الاسئلة العادية جداً مثل اسمه ، عمله ، تعليمه ، هواياته ، ثم ينتقل للسؤال عن مسائل أخرى تتصل بانتمائه ونشاطه وعلاقاته .. ويقوم الجهاز بتسجيل الاشارات الواردة عن الجسم ( كردود فعل ) ثم يجري مقارنتها ودراستها ولو بصورة شكلية . وتقوم آلية عمل الجهاز على اساس أن بعض الاسئلة لا تحدث انفعالات داخلية وبالتالي اشارات على الجهاز وبعضها الآخر سيحدث درجات متفاوته من التغيير ، ومن المفترض ان الاسئلة ذات الصلة بالقضية قيد التحقيق ستؤثر في درجة ثبات أو عدم ثبات المعتقل . وتغير الاشارات ذات الصلة بالقضية سيعمل المحقق على استعمالها كذريعة يجابه بها المعتقل .
كيف نفشل عمل الجهاز عن قصد :-
يمكن افشال عمل الجهاز من خلال وعي وانضباط المعتقل بشكل أساسي ومن ذلك أن يعِ بأن هذا الأسلوب هو جزء من اللعبة والخدعة التي يستخدمها المحقق للنيل من صموده والحصول على اعترافاته ،وان يدرك أن هذا الجهاز كغيره من الأجهزة الطبيعية الكثيرة الموجودة في العيادات والمستشفيات ولا داعي للخوف أو الارتباك . وان عدم ادراك هذه الحقيقة وجهل المعتقل لها تكسب خطة المحقق مصداقية ، في حين ان الجهاز غير قادر دون ارادتنا على كشف خفايا نفوسنا وأفكارنا ، نضيف الى ذلك أن النتائج التي يجب أن تظهر لابد أن تكون دقيقة حتى تعطي مؤشرات يمكن الوقوف عندها ، كما يجب على المعتقل ان يتحلى بالهدوء والسكينة وعدم الالتزام بتعليمات المحقق أو الخبير كأن يطلب منه النظر باتجاه نقطة محددة أو عدم تحريك جسمه أو اصابعه أو التفكير بقضاياً خارج نطاق الاسئلة ، او كيفية الاجابة على الاسئلة ، ونحن قادرون على ان نجعل الجهاز يسجل اشارات تخالف رغبات الخبير أو المحقق بأن يبذل جهداً ما بدلاً من السكوت عن السؤال عن الأشياء العادية ، أو تذكر او تفكر في اشياء تبعث على الراحة وتثير الاعصاب على هوانا .. وكما قلنا بإمكان المعتقل أثناء الاجابة على الاسئلة العادية تحريك القدم ، او أصابع اليد ، او زيادة سرعة تنفسه او احداث اي شيء يسبب التوتر ، والأهم من كل ذلك أن يتاكد المعتقل أن هذا الجهاز يستخدم للخداع والتضليل بالدرجة الأولى، ثم للتأكد من فرضيات المحقق حول المعتقل ، وفي هذا الجانب يجب أن تقود المحقق الى الاتجاه الذي نراه ملائماً لنا ونربك فرضياته وتصوراته ما أمكن .



13- التنويم المغناطيسي :-
لم يحدث من قبل أن استخدام هذا الأسلوب ، بل أنه نادر الاستعمال في جميع بلدان العالم وذلك لأن المنوم مغناطيسياً لا يتصرف وفق ارادته ووعيه وانما وفق ارادة المنوم . وأن التنويم المغناطيسي ليس مرتبطاً بالمنوم بل يمكن أن يعجز عن تنويم المعتقل أو يزول التنويم لأي سبب ، كما يجب أن تكون لدى المنوم معرفة دقيقة جداً وسلفاً عن ما لدى المعتقل والاشياء التي عليه البحث عنها الى آخر هذه المعطيات ، بمعنى آخر إن نجاح عملية التنويم مشكوك فيه من البداية . وإذا علمنا ان فلسفة الاعتراف والسقوط يحدثان نتيجة توفر استعداد داخلي عند المعتقل مهما كان وضعه النفسي أو أنواع وأساليب التحقيق المستخدمة معه فإننا نؤكد بأن التنويم المغناطيسي لا يمكن أن يحقق مفعوله إلا إذا كانت درجة الاستعداد للخضوع والاستجابة اكثر وأشد . لذلك فإن نجاح خبير التنويم متوقف إلى حد كبير على عنصرين : الأول عدم اخبار المعتقل بأهدافه ومراميه . والثاني تهيئة المعتقل بشكل تام للخضوع والاستسلام أمامه . أما إذا ادرك المعتقل هذه اللعبة فإنه من الصعب بمكان ان يحقق هذا الأسلوب نتائج .




ب) الأساليب العصبية :-
من المعروف أن الأساليب العصبية تؤدي إلى التأثير على الحالة العصبية للانسان ، وهي تؤثر بالتالي على حالته النفسية ، وفي الجسم يرتبط الدماغ بالاعصاب المتفرعة إلى بقية الاجزاء حيث توجد الاعصاب المتصلة مع بعضها البعض كوحدة للجهاز العصبي الذي نهاياته ومركزه في الدماغ ، فالعصب البصري مثلاً يربط العين بالدماغ ، وعصب الحس التي تربط الجلد بالدماغ ، وكذلك عصب السمع في الجهاز السمعي ، وهذه أهم الاعصاب التي تتعرض للتأثير أثناء التعذيب العصبي . والدماغ يمكن التأثير عليه من الخارج مباشرة كأن يتعرض الرأس إلى صدمات عنيفة ، أو بواسطة الأجهزة العصبية فتتعرض الأعصاب للاعياء وبالتالي يتعرض الدماغ للتعب وهذا يجعله يتوقف عن العمل جزئياً للاستراحة لفترة ثوان ، أو يتضاءل نشاطه لفترة حتى يستعيد حالته الطبيعية ، هذه الفترة قد تطول أو تقصر حسب الحالة ، وإذا كانت الحالة شديدة فإن الانسان يحتاج إلى النوم أو الى السوائل أو الدفيء أو البرودة .. وهذه الحالات التي يحاول المحقق أن يوجدها في المعتقل حتى يكون ضمن حالة ملائمة قابلة للانهيار والابتزاز وانتزاع المعلومات منه . وحتى يصل إلى هذه الحالة فإنه يستخدم عدة أساليب :-
1- الضرب الشديد والرتيب والمركز على أطراف الاعصاب مثل أصابع اليد والقدم والأذن والعين والشفاه والأعضاء التناسلية والمناطق التي فيها غدد حساسة ، وهذه ظاهرة عامة ومستخدمة باستمرار في التحقيق ، حيث يقف المحقق خلف المعتقل ويأخذ في ضربه بكلتا يديه على أذنيه ولمدة طويلة وبشكل متواصل ، ثم ينتقل في الضرب على الشفاه ، وباستخدام العصا يأخذ في الضرب على أصابع اليدين ثم القدمين ، وبعصا غليظة يأخذ في الضرب على الاعضاء التناسلية .. ويظل المحقق ينتقل بنظام معين في الضرب هنا وهناك طوال جولة التحقيق أو بعدها في الحلقة أو الساحة مثيراً جواً من الوحشية والارهاب مصحوبة بالتشكيك والتضليل ومختلف المؤثرات النفسية . ومع الاستمرار في الضرب على اعضاء الجسم المختلفة المرتبطة بالاعصاب تقوم بارسال اشارة الى الدماغ فيظل يقظاً ونشيطاً ومع الاستمرار يصل الى درجة الارهاق ونشاطه في الفتور وهذا ينعكس على الحالة النفسية .
2- التأثير المزعج على حاستي السمع والبصر ، كاستخدام الأصوات حيث يتعرض المعتقل رغما عنه لسماع أصوات مزعجة رتيبة ومتكررة ، او فتح بوابات الزنازين واغلاقها بقوة ، واصوات المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب ، وغيرها ، كاستخدام الأضواء المبهرة وتسليطها على المعتقل في زنزانته ليلاً ونهاراً لحرمانه من النوم وتهييج الاعصاب البصرية باستمرار ، ومشاهدة الدماء ومظاهر التعذيب الوحشية أمام عينيه .
3- ربط المعتقل لساعات طويلة أو توقيفه على رجل واحدة أو الشبح أو جعل رأسه للأسفل ورجليه للأعلى وهكذا.
4- تجويع وتعطيش المعتقل أو تعريضه للبرودة القارصة أو الحرارة الشديدة .
5- استخدام بعض العقاقير الطبية او الحقن بالمواد المخدرة أو وضعها في المشروبات بحيث يصل إلى حالة من الهلوسة .. لتضليل المعتقل والادعاء أنه قدم للمخابرات كل شيء وهو في تلك الحالة لبلبلة افكاره وزعزعة نفسيته وتركه نهباً للظنون .
6- عزل المعتقل في زنزانة انفرادية واهماله وعدم استدعائه للتحقيق لمدة طويلة نسبياً ، وتركه فريسة للوحدة والملل ، ونهباً للقلق .
ويمكن القول ان مجمل الأساليب العصبية هي نوع من غسيل الدماغ ، ووسائل لهذه الغاية ، فهي تهدف إلى اضعاف نشاط الدماغ بحيث يسهل على المحقق ان يمارس تأثيره في وضع يكون فيه المعتقل أشد قابلية للتلقي .. وقد تستمر عملية غسيل الدماغ بعد مرحلة التحقيق بهدف ازاحة المواقف السابقة للمعتقل وتعبئته بمواقف جديدة وذلك بإلقاء المواعظ والتشكيك بالحركة وقيادتها وافرادها واحيانا باعتماد الشواهد والادلة السياسية والحركية .

إن الأساليب العصبية والنفسية ما هي إلا اشكال لممارسات المحققين في أقبية التعذيب تمارس وفقاً لخطط مدروسة ومجربة ، أو تجرب وفقاً لأفتراضات يصوغها رجال التحقيق عن شخصية ونفسية المعتقل بعد دراسة حالته أو في كل مرحلة من مراحل التحقيق ، وأن صيغ التعذيب الجسدي والنفسي والعصبي تعبر بشكل جوهري عن معركة المحققين مع المعتقل ابتداءْ من غاية الحصول على الاعترافات كمعلومات عن الحركة وأطرها وأفرادها ونشاطاتها وعن المعتقل نفسه كمادة للادانة وتوجيه الضربات الأمنية لها ، وانتهاء بالمساس بشخصية المعتقل بوصفه مجاهداً وتعريضه للهزات والهزائم المعنوية ، وتعريض الحركة لنفس النتائج .
إن المجاهد يجب أن تتشكل لديه قناعة راسخة بأن الزنزانة ليست جنة عدن ، بل هي قبر للأحياء ، وأن التحقيق ليس نزهة بل هو الجحيم ، وهذا مما يجعل الاستعداد للصبر أمر هام وأن ما يتعرض له المعتقل ليس مقصوداً لذاته بل لابتزازه والضغط عليه وانتزاع الاعترافات وافشاء الاسرار ، والحل الوحيد هنا هو الصبر والتحمل ، والصمود وعدم الرضوخ للابتزاز ، وان ثوران الاعصاب لا ينتج عن العوامل الخارجية وحسب بل بتفاعل مع العوامل الداخلية ( العقيدة ، الاستعداد ، الاعداد ...) فالصائم يتعرض للجوع والعطش في الصيف ولكن هذا لا يدفعه للافطار لأن هناك عقيدة ودافع ذاتي يمنعه من ذلك ، فبمقدار ما يكون المعتقل قادراً على تصعيد العوامل الداخلية ( العقيدة ، والتربية ، والاستعداد للتضحية ، واستذكار تجارب السابقين ... ) فإنه يستطيع أن يواجه التحديات الكبيرة التي تواجهه ، ولا تدفعه للتساقط والانهيار والاضرار بأمن الحركة وأطرها وافرادها واسرارها .‎..



( مفاهيم عامة )

بعض المبررات ( الذرائع ) الزائفة للاعتراف :-
غالباً ما يعمل بعض المعتقلين الذين سقطوا في امتحان التحقيق ، وانهاروا امام المحقق وأدلوا بما لديهم من معلومات وأسرار تمس أمن حركتهم وأطرها وافرادها ونشاطاتها إلى تبرير السقوط والانهيار وتقديم المعلومات واسقاطها على مفاهيم معينة ، أو اشخاص أو خلل تنظيمي أو أمني .. ويبعد نفسه كثيراً أو قليلا كعامل أساسي في ما حدث ومن أهم هذه المبررات :-
1- العيب والشرف :-
ذكرنا سابقاً ان المحققين إما أن يستندوا في استخدامهم لأساليبهم في التحقيق والضغط والابتزاز على خلفية ( تصور ) محددة تتم تكوينها عن المعتقل من خلال سيرته الذاتيه أو تقارير المخبرين والعملاء او من خلال الفرضيات العامة التي يضعونها ثم يعملوا على اختيارها وتجريبها من ذلك ان يطلب المحقق من المعتقل أن يخلع ملابسه كاملة كما خلقه الله ، أو يطلب المحقق منه تقليد صوت امرأة فاسقة أو صوت حيوان معين كالحمار أو الكلب وما شابه ذلك ، والأهم من ذلك يهدده باحضار أخته أو زوجته أو أبنته وانتهاك عرضها ، أو تهديدهم بممارسة اللواط معهم ، فعلى الرغم من أن هناك تفاوت بين أجهزة المخابرات في استخدام هذا الأسلوب بناء على الخلفية الاجتماعية للمجتمع ، والخلفية الدينية للمعتقل إلا أنه يبقى وارداً بدرجة أو بأخرى ، وهنا يكون المعتقل في صراع بين ( العيب والشرف ) الشخصي والاجتماعي . و ( العيب والشرف ) الفكري والحركي . وهنا نقول أن المعقتل لا يتوقع أن تقدم له باقات ورد في أقبية التحقيق ، وأن هدف المحقق هو عصر المعتقل كالليمونة ثم رميه في مزبلة التاريخ خاضعاً منهاراً ، نهباً للقلق وتأنيب الضمير وجلد الذات .. أو الارتداد عن الفكرة التي جاهد من اجلها ، وهو في سبيل ذلك يفعل كل ما تجود به قريحته العفنة ، ونفسيته القذرة ، فهل يتعاون المعتقل مع المحقق إذا وجه إليه شتائم بذيئة وكلمات مخلة بالشرف لأنه من العيب والعار أن يستمر المحقق في تكرار هذه الاسطوانة القذرة ؟ وهل يركع المعتقل مقابل التهديد بانتهاك العرض والشرف أو غير ذلك .. ويضع ما في جعبته من أسرار ومعلومات وربما كان هو السبب في تراكمها لهذا الحد نتيجة فضوله وحب استطلاعه على قضايا وأسرار لا تعنيه ؟!! وهل يعتقد المعتقل أن ينتهي الأمر عند الاعتراف وحسب أم أن انهياره سيشكل خطوة تمهيدية لما بعدها والمخفي أعظم ؟!! وإذا سقط في هذا الامتحان وأدلى بمعلومات عن حركته واخوانه ألا يمكن أن يستخدم الأسلوب نفسه مع اخوانه وتهديدهم في النقاط الحساسة التي يعتقد المحقق أنها مقتلهم ويهددهم بنفس الطريقة في عرضهم وشرفهم ؟! أم على المعتقل أن يوقف هذا المسلسل الآثم بالتضحية ( بالعيب والشرف ) مقابل حماية أمن حركته وأسرارها ، وشرف بقية أخوانه وأعراضهم .. إنها معادلة صعبة ولكنها يسيرة إذا قيست بما بعدها .. فلتتذكر ماذا فعل مشركو مكة بسمية أم عمار .. وهل صدها ذلك عن دين الله ! علماً بأن الأمر لا يتجاوز التهديد وحسب في بعض أجهزة المخابرات ، ولكن لنوطن انفسنا على التضحية بالشيء اليسير مقابل الشيء الكبير .. إن المعتقل الذي يتشكل لديه الاستعداد للاعتراف سوف يعترف ولن يصمد حتى لو استخدموا معه ابسط الأساليب ، ولكن المعتقل الصلب فلن يعترف ولو دفع حياته وعرضه ثمناً لذلك .

2- التعذيب والصبر :-
في حكم العادي أن يتعرض المعتقل لأنواع مختلفة من التعذيب والضغط الجسدي بل أشد أنواع التعذيب أحياناً ، وتتناسب شدة التعذيب طردياً مع قوة الصمود فكلما ازداد المعتقل صموداً ازدادت محاولات المحققين لكسر هذا الصمود وانفاذ صبره واسقاطه في مستنقع الاعتراف . فمن المعتقلين تعرضوا لجولات تعذيب قاسية وطويلة دون أن ينبسوا ببنت شفاه بل ازدادوا صموداً وحقداً وتحدياً ، وهناك من انكسر صمودهم بعد جولة أو عدة جولات من التعذيب ولدى تفسير سبب الاعتراف ، يقول : شدة الضرب والتعذيب ( عذبوني ، كسروني ، حطموني ، لم يكن أمامي خيار سوى الاعتراف ... ) على ماذا تدل هذه الاجابة ؟ فبدلاً من أن يصمد المعتقل في التعذيب في هذه الجولة التي ربما تكون الأخيرة وغالباً ما تكون شديدة وقاسية ليخرج صامداً كانت هذه الجولة موعداً لسقوطه وعنواناً لتبرير اعترافه .. وكان المفروض أن يقول المعتقل لقد عذبوني ، كسروني ، حطموني لكنني لم اعترف وليس العكس ، والآن تقول هل اعترف المعتقل لأن صبره نفد ؟ إن الصبر قوة معنوية موجودة عند كل انسان ، وهو يغذي نفسه بها في أي حالة وازاء اي موقف وبالنسبة الملائمة للموقف استناداً إلى ايمانه العميق ووعيه الدقيق ،إن الصبر وقود روحي لا ينضب { واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين } ، وان الصبر مرتبط بالارادة ، فإذا كانت الارادة مبنية على الصمود والتحدي فإنها لن تلين ، اما إذا كانت مبنية على جرف هاو فإنها تنمي رغبة داخلية لوضع حد للتعذيب ورفع راية الاستسلام وافشاء الاسرار والنكث بالوعد وخيانة الامانة { ولا تخونوا أماناتكم } وهل انتصر المسلمون إلا بالصبر وتحمل الألم والمعاناة وتجشم الصعاب ، وهل ولد تاريخ جديد أو نقلة نوعية خارج رحم المعاناة {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } ، { ام حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } .
إن المحقق يملك أن يضرب ويعذب ولكنه لايملك أن يحرك اللسان ويدفع المعتقل للانهيار وهذا هو جوهر الموضوع .

3- مسكوا عندي .. ضبطوا بحوزتي :-
عندما يخرج المعتقل من التحقيق يسأله أخوانه : لماذا اعترفت ؟
فيجيب : لم يكن أمامي أي مهرب فقد ضبطوا بحوزتي منشوراً ، كتاباً ، وثيقة ... ، ولماذا اعترفت ؟ لم أستطع اخفاء شيء فالحقائق دامغة .. واجهوني بمعلومات مؤكدة ... وهل يوجد في المنشور أو الكتاب ما يدل على أنك تنتمي الى الحركة أو أنك تعمل في الاطار الفلاني أو تقوم أو قمت بنشاطات محددة . فيجيب : لا ، ولكن لم أجد سبيلاً إلى اخفاء شيء ! .
إن بعض المعتقلين السذج يعتبر أن مجرد ضبط أي وسيلة لديه يعني أن ذلك يكفي لأن يكون مبرراً للانهيار امام المحقق والبوح بكل شيء ، واحياناً التبرع بمعلومات لم يُسأل عنها ابداً ضد اخوانه وحركته وامكاناتها ولافتاتها .. فبدلاً من أن ينكر حتى وجود الوسيلة ( منشور ، كتاب ، وثيقة ... ) أو يدعي أنه وجدها في الشارع ولا يعرف عنها شيئاً يعتبر نفسه سقط ، فكيف لو ضبطوا بحوزته رسالة سرية معنونة أوديسك أو ادوات فكيف سيكون الأمر ؟!!! .
ليس صحيحاً أن المستمسكات المادية مبرراً للانهيار والسقوط فهذه مسائل يمكن تبريرها بل من الأفضل انكارها حتى لو ضبطت في البيت او الجيب او السيارة لأن افضل وسيلة لقفل الملف هي عدم فتحه نهائياً ، وانكار ما هو بائن حفاظاً على ما هو مخفي ، وهناك تجارب عملية جلية في هذا الأمر وأصحابها لا يزالون أحياء بين ظهرانينا ، هناك من أنكروا وصمودا في الانكار بل ادعوا أن المخابرات هي التي وضعتها دون علمه لتوريطه او لغاية في نفس يعقوب قضاها ، وهناك من أدعى أنه وجدها في مكان ما ولا يعرف شيئاً عن مصدرها وغايتها ، ومنهم من أنكر صلته اصلاً بما مسكوا لديه . استناداً للزعم الذي يردده المحققون دوماً لاظهار قوة جهازهم الأمني (أننا نعرف كل شيء ، ونستطيع أن نفعل كل شيء ، امكاناتنا هائلة ..) وإذا كان المجاهد لا يستطيع التملص من المستمسك الذي وجد بحوزته ، فلماذا يخبر المحقق بعلاقات ونشاطات وأسماء وغير ذلك لم تكن معلومة لديهم ، ويتبرع بها إليهم تحت ذريعة التعذيب والضرب . إن الانسان الصلب هو الذي يصمد في الموقف الصعب ،بينما الانسان الذي غذى ارادته بحيل المخابرات وأساليبهم الزائفة ، ويبحث عن مبرر للتهاوي والسقوط وافشاء الاسرار فهو انسان ركيك ضعيف يُخشى عليه من الخيانة والنفاق .

4- فلان قال كل شيء ...
قلما تعتقل أجهزة الأمن شخصاً نتيجة جهد استخباري منظم ، وفي أغلب الاحيان يحدث ذلك من غير ترتيب مسبق أو بسبب خطأ صارخ وقع فيه المجاهد لفت به أنظار الناس أو بعض المخبرين فكان هدفاً لهم ..وبالرغم من أن التحقيق في مثل هذه الحالات يكون محدوداً ومحصوراً في دائرة معينة إلا أن المحقق يحاول استفزاز المعتقل باسئلة بحكم تجربته لعله يحصل على شيء ما في ضوء ما يسمى ( بالتحقيق الافتراضي ) .. وهنا يظهر معدن ووعي المعتقل فإما أن يكون جداراً صلباً عصيّاً على الاختراق بقليل من الصمود والصبر ، وإما أن يكون ثغرة هشة في جسم الحركة يعمل المحقق على اختراقها والتغلغل من خلاله إلى أسرارها .. وأحياناً يواجه معتقل بعد تحديد انتمائه بمعلومات اعترف عليها معتقل سابق فتكون سبباً في انهيار واعتراف هذا المعتقل ، بما أن فلان اعترف فلا يمكن الصمود ، وهي معلومة موجودة عندهم فلا داعي لانكارها .. ومن خلال هذا الوعي والتبرير الساذج ينفرط عقد التنظيم واسراره ، في حين يمكن للمعتقل الثاني أن يصمت وينكر أي صلة أو علم له بأي شيء ، أكثر من ذلك فيمكن أن يتحمل المعتقل مزيداً من المسؤولية والتضحية من أجل الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه ويمنع استمرار حالة التقهقر السابقة ...
إن ظاهرة الاعتراف السهل لأن فلان اعترف أو اعترف علي أو قال كل شيء قد شكلت غطاءْ ممزقاً لعدد من المعتقلين الذي اعترفوا بما عندهم عن اخوانهم ، في حين كان المفروض أن يقوم المعتقل بتكذيب هذه المعلومات ، وتضليل المحققين وتشويهها قدر الامكان بدلاً من تأكيدها أو تحديثها أو تنظيمها أو الزيادة عليها حماية لأمن العمل وأداءاً للأمانة .



5- وجدت كل شيء أمامي :-
يكتب أحدهم في بداية تقريره الاعتقالي العبارة التالية : ( اعتقلوني ، لا أعرف لماذا ، ولا أعرف أي سبب لاعتقالي ، قلت في نفسي مهما يكن فلن اعترف لهم بشيء ، وعندما جلست امام المحقق ، وجدت أنه يعرف كل شيء ، فكرت في نفسي وقلت لا فائدة من الانكار ما دام كل شيء مكشوفاً ) ، فالصورة في ذهنه أن لدى المحقق معلومات ، وسواءاً أنكرها أو أدلى بها سيان ، فالمحقق يعرف كل شيء ولن يضيف إليه شيئاً ، أي انه غير مسؤول عن كشف الأسرار من جهته ، كما أن موقف المحقق قوي ويستند إلى حقائق ومعلومات ، وبالتالي لماذا لايتم اختصار الطريق من البداية والاعتراف بدلاً من البهدلة وسواء كان هذا الموقف الذي كونه المعتقل وقع فيه بسبب خوفه أو سوء تقديره للأمور أو جهله وسذاجته أو انطلاء حيل المحقق عليه فإن النتيجة النهائية واحدة وهي ( انه انهار واعترف ) .
إن المحقق قد تكون لديه معلومات جمعها بالتحري أو لوقوع وثائق بيده ، او لوجود اختراق أو لاعتراف معتقل سابق .. ولذلك استخدموا معه ( أسلوب الايحاء ) الذي ينطبق على كل الناس أمثاله .. فكيف يصل شخص إلى التحقيق دون أن يحقق معه مهما كانت التهمة بسيطة ، ولكن المحقق يحاول أن يرمي صنارته في مكان أو أكثر معتمداً على خبرته وخداعه لعله يصطاد شيئاً يقوده إلى نتيجة معينة .
دور المعتقل في مثل هذه الحالة هو الصمت أو الانكار القطعي وليس الوقوع في الفخ بعد الاستماع لبضع جمل أو تهديدات ، فإذا كان اعتراف المعتقل غير لازم كما يحاول المحقق الايحاء ، فلماذا التحقيق إذن ؟ وإذا كان انكاره لا يؤثر على وضعه فلماذا يضغط عليه ويصر على الاعتراف ؟ إن الانكار والتكذيب والصمود هي العناوين الرئيسة المطلوبة في مثل هذه الحالات ، واما الرضوخ والانهيار والاستسلام فهي عناوين لا وجود لها في قاموسنا ، كما أن حيل وألاعيب المحققين يجب أن تكون مكشوفة امامنا ولا عذر لأي منا إذا ادعى أنه اعترف لأنه وجد كل شيء امامه ، بل العكس من ذلك فهناك من يعمل على تحطيم الصورة الموجودة لديهم عن الحركة وأفرادها ونشاطاتها يحميها من المعلومات التي أفشى بها منهار .

6- لم اعترف إلا على فلان .. اما الباقي فلا أدري من اعترف عليهم :-
إن الاعتراف على الغير أو على أسرار الحركة سواء كان الاعتراف كبيراً أو صغيراً في تقدير المعتقل فإن المخابرات تعتبر نفسها قد أمسكت بطرف الخيط ، وستظل تشدد كلما أمكنها ذلك سواء كان بالاعتقال الجماعي والمتتابع أو بالاختراق المباشر وغير المباشر . ولهذا لا فرق بين الجندي الذي قتل برصاصة أو بألف رصاصة ما دام فارق الحياة ، كما لا فرق بين أن تتلقى الحركة ضربة على يد عميل أو على يد أحد معتقليها علماً بأن الضربة على يد الأعضاء أشد قسوة وايلاماً . فقد يرى معتقل ان يعترف في التحقيق وبناء على تقدير أو سيناريو خاطئ على أحد أخوانه ظناً منه انه بهذا العمل يوجه ضربة خفيفة للحركة مقابل حماية بقية الافراد ، ولكنه لا يعرف أن المحقق عندما يمسك بطرف الخيط لا يتركه بسهولة ، فقد يعتقل الشخص الذي اعترف عليه وتتوسع الثغرة ويتعمق الخرق على التوالي لتكون المحصلة ضربة أمنية كبيرة جداً . وعندما يسأل المعتقل الأول عن ماذا اعترف يجيب بزهو "لم اعترف إلا على واحد ( فلان )" ، ولا يدري كيف جاء الآخرون ، انه يحاول التملص من مسؤوليته عن الاعتقالات التي طالت جماعته ، وإذا ما دون المعتقل افادته هذه ووقع عليها فإنه يكون أدان نفسه وجر معه غيره وهكذا وهو لا يدري أنه المسؤول رقم واحد عن كل هذه الضربة بسبب ضيق أفقه ، وضحالة وعيه ، وسوء تقديره الأعرج .
إن من الاثم بمكان أن يشِ المعتقل بالغير ويدفع بهم إلى مخالب المخابرات بنفسه ليكون عرضة للتعسف والتعذيب ويعرض الحركة كلها للعدون .

7- سيناريو انتاج المعلومات كأنها اعترافات سابقة ليس له علاقة بها :-
قد يحاول بعض المعتقلين سواء بدوافع ذاتيه لتغطية انهيارهم واعترافهم ، او بتوجيه من المحقق لحماية مصادر المعلومات والامعان في تضليل الحركة . أن يُعلم اخوانه بأن المحقق واجههه بمعلومات يعرف أنها مؤكدة مئة بالمئة ، ورغم أنه حاول انكراها في البداية إلا أنه لم يستطع انكارها بعد التعذيب والتأكد منها لديهم ، فبدلاً من أن يصدق أخوانه القول ويعترف اليهم بشجاعة أدبية موازية لانهياره امام المحقق فإنه يقوم بخداعهم ويخبرهم أن المعلومات التي ذكرت في افادته لم يبادر هو الى الادلاء بها ولكنه فوجيء عندما علم أن المحقق يعرف كل شيء عنها واطلعه عليها فاضطر تحت ضغط التعذيب الشديد بتأكيدها فقط . أي أنه لم يقلها هو وأنما وجدها أمامه .
إن هذا أسلوب هابط وخسيس يقوم على اساس تضليل الحركة وخداعها والكذب على اخوانه لينفذ بفروة رأسه من عتابهم وتأنيبهم له ، فلا يتعاون مع اخوانه ويقول الحقيقة كما تعاون وانهار وتخاذل امام المحقق ، أن مثل هذا الصنف يجب أن يعاقب ويخرج من الصف ويحذر منه .
وهناك معتقلون يحاول المحقق أن يرسم له السيناريو الذي يجب أن يبلغه لاخوانه إذا سئل أو طلب منه كتابة تقرير وهذا السيناريو يركز على معلومات محددة ، ويخفي معلومات أخرى أكثر أهمية لتكون مصيدة لمعتقلين مغفلين يأتون بعده وغالباً ما تكون هذه في مرحلة انهيار المعتقل كلياً واستسلامه للمحقق أو في شكل صفقة وهمية أو حقيقية بينهما ، كأن يقول المحقق للمعتقل إذا خرجت واتصلت بك الحركة وسئلت عما اعترفت عنه ، فأخبرهم أنك قلت كذا وكذا ، أي اعتراف جزئي وبسيط ، وعدم اخبارهم عن غير ذلك هو الأعظم والأخطر . وهناك من ينصاع لتعليمات المحقق ويمارس هذا النوع من الخداع على اخوانه لأن الخوف والخيانة امتلكا عليه قلبه ، وغدا تحت تأثير سيطرتهم وسطوتهم سواء كان معتقلاً في الزنازين وفي اقبية التحقيق أو كان خارجها .

توجهات عامة

1- يفترض في المعتقل العقائدي أن يتخذ سياسة مبدأية مع المخابرات واطقم التحقيق تقوم على الانكار والصمود والثبات إلى آخر لحظة وحماية أمن وأسرار حركته وأطرها وأفرادها مهما غلا الثمن ، فأمن الحركة من أمن أفرادها ، وانت على ثغرة من ثغر العمل فلا يؤتين من قبلك ، وصمودك هو قدوة تحذى ، ونهج عملي يدعم صمود الآخرين.

2- إذا اضطر المعتقل وفي ظل ظروف قاسية جداً ، وصراع عنيف للاعتراف عن أشياء سواء كانت ضمن سيناريو مخطط مسبقاً وبشكل جيد أو جزء من الحقيقة فيجب ان يحصرها في أضيق نطاق وفيما لا يضر بأمن واسرار الحركة وأطرها وأفرادها .

3- إذا اضطر المعتقل وفي ظل ظروف قاسية وصراع عنيف للاعتراف عن اشياء بشكل جزئي أو كلي واستطاع التراجع عن اعترافاته فيما بعد فليفعل ولا يتردد مطلقاً في اتخاذ هذه الخطوة .

4- إذا اضطر المعتقل وفي ظل ظروف قاسية وصراع عنيف للاعتراف عن اشياء بشكل جزئي أو كلي واستطاع الا يوقع على افادته فليفعل ولا يتردد مهما كانت التضحية فإنها فرصة أخيرة أمامه .

5- إذا اضطر المعتقل للتوقيع على افادته بعد بذل أقصى جهد في وقف تقهقره في التحقيق فيجب عليه أن يدقق وبشكل عميق وجيد في الأمور التالية :-
أ- عدم التوقيع على بياض تحت أي ظرف كان .
ب- عدم التوقيع وهو في حالة نفسية أو ذهنية سيئة .
ج- عدم التوقيع على اي شيء أفادة أو غيرها وهو مغمض ( معصوب ) العينين أو في الظلام .
د- قراءة الافادة جيدة وعميقة والتوقيع على كل ورقة يقرأها أولاً بأول وليس قراءتها كلها تم توقيها كلها .
هـ- إذا اضطر المعتقل للخروج أو افتعل المحقق سبباً لاخراج المعتقل من غرفة التحقيق ( كأن يراجع الصليب الأحمر مثلاً ) أثناء او بعد قراءة المعتقل لجزء من أو كل افادته فعليه أن يعيد قراءته وتصفح أوراقها ورقة ورقة بعد عودته تحسباً من وضع المحقق أوراقاً بيضاء بينها أو أوراقاً مكتوباً عليها قضايا لم يقلها المعتقل .
و- في حال تحويل المعتقل إلى محكمة أمن الدولة أو أية محكمة أخرى فعليه ان يعمل على توكيل محام قوي وثقه ، وأن يطعن في افادته أمام المحكمة ويدَّعي بأنها أخذت منه ووقع عليها تحت الضغط والاكراه .

فإن الجيش في الحرب التقليدية يتعرض في صراعه مع العدو لخسائر مادية ومعنوية ، وهو كلما حرك جزء من قطاعاته أو قام بأي دور يفقد جزءاً من مخزونه في العتاد والآليات والأفراد والوقود والطعام والشراب ، والمواقع ... وهو يحتاج لاستمرار العمليات ، للامداد والتزود بما يلزمه لتعويض ما يفقده ، وفي محطات الصراع يحتاج إلى غطاء وامداد جديد وهكذا يستطيع الاستمرار في الحرب حتى يفرض موقفه ويحسمها لصالحه .
والمعتقل في الزنازين وغرف التحقيق وساحات التعذيب يتعرض باستمرار لضغوط جسديه ونفسيه وعصبية يواجهها منفرداً وحيداً أمام طاقم التحقيق والخبراء والجلادين ...
وبمقدار ما كان يزود نفسه اثناء حياته العادية بالتعبئة الايمانية والاعداد النفسي والأمني والوعي فإنه يستطيع أن يستمر في تزويد نفسه بالقوى المعنوية وتوظيف الوعي الراسخ اثناء صراعه مع محققية وجلاديه ، وبدلاً من أن ينهار ويستسلم لهم ويجثو على اقدامهم طلباً الرحمة منهم فإنه يعتمل الاصرار في قلبه ، والحقد في نفسه بحيث يتغلب على الوضع القاسي الذي يحيط به .
وهذه فرصة لابد من اغتنامها والتزود منها بوقود الوعي الأمني اللازم لمعركة الاعتقال والتحقيق نرجو ان تصب في صالح حركتنا المباركة .

الإسقاط في وحل العمالة ... الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
الاسقــــــاط عبر الدوائر الهندسية

الدوائر الهندسية اصطلاح رمزي يعبر عن المحيط الذي يعمل من خلاله جال المخابرات الشين بيت، وفق القاعدة المتعارف عليها " اسقاط ما يمكن اسقاطه " ولا تعدو أساليبهم في الاسقاط كونها تسير في فلك هذه الدوائر منفردة أو مجتمعة، ونود في هذه النشرة أن نعرف كل دائرة ونتعرف على أساليب المخابرات في كل منها مع مراعاة التداخل الذي يحدث بين الأساليب لارتباط الدوائر جميعها بالمجتمع.

1 : الدائرة الشخصية
ونقصد بها محيط الفرد الواحد مع ما يتفاعل في داخله من عوامل نفسية متعددة، ويعمد المخابرات الى اجراء دراسات مفصلة عن كل فرد من أفراد المجتمع تبعا لتقارير عملائه عن انسان ما، ولما كان الانسان في نفسيته يختلف عن الآخر فاننا سنقسم الأفراد تبعا لأهوائهم وحاجاتهم الى خمسة أقسام ونرى كيف يعمل المخابرات في كل قسم.
1ـ1: الانسان المادي
كثيرا ما نجد بعض الناس شديدي الحرص على المادة بحيث يكون لديهم الاستعداد لاتباع أي وسيلة في سبيل تحقيق جمع المال ناتجا ذلك عن طمع أو حرمان ويبدأ هنا المخابرات في لعب دوره بعد أن يدرس شخصية هذا الانسان. وتتبع المخابرات لاسقاط هذا الشخص بأحدى الوسائل التالية:
أ ـ أن يرسل له مقابلة عادية وخلالها يعرض عليه مبلغ مغر من المال مقابل خدمات بسيطة وقد اعترف العميل صابر أبو عمرة من رفح بأنه أعطى أحد أصدقائه مقابلة من المخابرات وهناك تم العرض بالمال من قبل ضابط المنطقة أبو فريد دون أن يلمح له بالعمالة حيث قال له سمعت أنك تريد أن تتزوج ونحن نحب مساعدة الناس فخذ هذه لك فأخذها الشاب وخرج يحدث صاحبه بما حدث فقال له العميل صابر متى شئت يعطيك مثلي فأنا كل شهر يعطيني مبلغ من المال وبعد فترة عاد الشاب يطلب من صابر أن يقابل أبا فريد لأنه محتاج الى مال فأرسله وهناك أعطاه ضعف المرة الأولى وعرض عليه العمالة وبعد تردد وافق وارتبط.

ب ـ أن يسلط عليه أحد العملاء بحيث يبدأ في صحبة مشبوهة معه ومن خلالها تتم الرحلات والسهرات واعطائه المال ومن ثم الضغط عليه باقناعه بالطريق تدريجيا حتى يرتبط.
1ـ2: الفقر والحاجة
وهما أمران يدفعان الانسان اضطرارا الى ارتكاب ما حرم الله لذا ركز عليهما الاسلام في ضرورة كفالة الفقير والمحتاج، وعلى النقيض من ذلك ركز المخابرات جهده على معرفة الأسر الفقيرة والمعدمة ماديا ليبدأ دوره الخبيث ووسائله تتشابه في الاسقاط مع ما سبق ذكره أو ينحو منحى آخر، وقد حدث في أحد مجالس النساء حيث أخذت احداهن تشكو الفقر وتقول " والله ما احنا عارفين شو بدنا ناكل غدا " فاستعدت جارتها الساقطة بالكلام المعسول وأعطتها مبلغا من المال ثم سلطت زوجها ليعرض خدماته على الزوج الفقير فطلب الأخير قرضا لمعالجة ابنه القابع في المستشفى وبدأ القرض تلو القرض والجار الساقط يستعد دون تذمر حتى بلغ الدين مبلغه فطالب به العميل جاره ولم يكن يدري الجار الفقير كيف سيسدد هذا الدين، فأخذ يرجو جاره بالانتظار قليلا الا أن العميل رفض وهدده بالحجز على بيته وممتلكاته، ثم عاد العميل وقال له ما رأيك أن أسامحك بشرط أن تأتيني بأسماء النشطاء ومثيري الشغب أو تجار مخدرات بحجة أن هؤلاء يخربون في البلد وبعد أيام من الرفض عاد الرجل ليوافق تحت ضغط الحاجة وسقط لتلحق بقية العائلة في هذا المنحدر.

1ـ3: الجهل والضعف
ونقصد بالجهل على صعيدين، الأول الغباء والتخلف العقلي، الفشل في اتمام الدراسة وينتج عنه ضعف الشخصية التي قد تنفصل لتصبح سمة حتى لو كان صاحبها متعلما. بالنسبة للجهل وضعف الشخصية اذا اتسم بهما شاب معين فانه سيفقد ثقة من حوله من الأصدقاء وسيصبح منبوذا عند المجتمع مما يجعله يندفع نحو سلوك عدواني يتمثل في محاولة منه لاثبات الذات حتى لو كان بارتكاب الجريمة وغالبا ما يكون السبيل الوحيد لأولئك هو هذا الطريق لذا فاننا نجد أن غالبية العملاء يتسمون بضعف الشخصية مما يجعلهم يكونون بؤرة صداقة يتخللها الحشيش والسكر والزنا.. الخ ومن ثم الاسقاط.
والأمثلة كثيرة تختلط بالنقاط الأخرى وسنترك هذه النقطة عامة لأنها تشترك مع النقاط الأخرى في أغلب الأمثلة.
1ـ4: الشهوة..
وهي أساس كل بلاء كما وضح القرآن في قوله (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا )) والشهوات تتنوع منها شهوة المال ومنها شهوة الجنس ومنها شهوة الأولاد.. الخ. وما يهمنا في هذا الموضوع شهوتان تنحصر أكثر نسبة في الاسقاط فيهما.. وهما شهوة الجنس.. (فاتقوا الله واتقوا النساء..) (تعس عبد الزوجة..) هذه واحاديث كثيرة عن النساء وعن جريمة الزنا ولعل بروتوكولات حكماء صهيون قد أوضحت في البروتوكول الرابع عشر حسب الظن أن اليهودية العالمية لابد لها أن تستخدم المال والنساء في الاغواء، وقد حدث.
1ـ4ـ1: أمثلة على الاسقاط عن طريق الزنا أو اللواط
1 ـ ورد في قصة اسقاط العميل نضال بربخ أن المخابرات استدعاه وهو في سن الخامسة عشر من عمره وبعد أن دخل عليه وتعرف على المخابرات خرج الضابط من الغرفة وترك نضال لوحده واذ بمجندة تدخل عليه وهي شبه عارية وبدأت تستثير في شهوته حتى زنا بها وبعد انتهائه خرجت المجندة ودخل الضابط وقال له كيف ؟ فقال نضال ماشي. فعرض عليه الارتباط بعد أن أظهر صوره مع المجندة وهدده بالفضيحة فوافق على الارتباط.
2 ـ في اعتراف العميل أكرم أبو جبارة.. أراد أكرم أن يسقط الشاب (خ.ن) فأخذه الى البحر وكان قد اتفق مع عميل آخر أن يحضر وهناك بدأ أكرم الحديث عن الجنس ثم أخرج مجلة جنسية وشاهدها هو والشاب وبعد استثارته ومداعبته قام العميل بممارسة اللواط مع خ.ن في حين كان العميل الآخر يصورهما وتم استدعاء العميل خ.ن وعرضت عليه الصور فوافق فأحضر له المخابرات مجندة فزنا بها تأكيدا للأرتباط.
3 ـ اعترف العميل مفيد البورنو أنه أراد اسقاط بنت جيرانه فبدأ بمغازلتها وكانت تعمل في مصنع خياطة بعيدا عن بيتها فاتفق العميل مفيد مع مجموعته أن ينتظروها بسيارة وكأنها ستركب لبيتها وبعد أن شوهدت الفتاة تخرج من المصنع انطلقت السيارة نحوها وفيها العميل وصديق له فركبت على أنها سيارة أجرة ولما انطلقت السيارة أخرج مفيد محرمة من جيبه وفيها مخدر ووضعه على وجهها فاغمي عليها فأخذها العميل الى منزل للاسقاط وهناك مارس معها الزنا بعد أن جردها من ملابسها لتجد نفسها أمام تهديد مسئول المجموعة فوافقت على الارتباط.
هذه بعض الأمثلة وهناك أمثلة تختلف في كيفيتها الا أنها في نهايتها يتم الاسقاط عبر الزنا والتهديد بالصور..
1ـ5: المخدرات
ونعني بالدرجة الأولى الحشيش ثم المخدرات الأخرى " كوك، هروين.. الخ." وقد لعب المخ في قطاع غزة دورا فعالا بحيث انتشرت الحشيشة بشكل كبير بين الناس وبالذات في مخيم الشاطيء لاشتغال أهله بالصيد والتهريب، وعادة ما يتم الأمور بشكل سهل في الاسقاط عبر هذه الطريقة اذ غالبا ما يعمد أصدقاء السوء والساقطين الى اعطاء اصدقائهم من هذه المواد حتى يدمنوا عليها ويبدأ المتعاطون في طلبها لتنقطع عنهم عندها لايستطيعون مقاومة هذه النزوة فيوافقون على الارتباط مقابل قطعة والأمثلة كثيرة نذكر أحدثها وأكثرها خطورة في مدارس الفتيات الثانوية القصة بدأت حينما شاهدت فتاة خمسة من الطالبات يجلسن بصورة دائمة خلف الدورات ولاحظت الفتاة احداهن تضع حبة حبوب في فمها فأبلغت المدرسة التي ذهبت بسرعة ولاحظت ذلك ولما تم تفتيش حقيبتها وجدت حبة التقطتها الفتاة وابتلعتها قبل أن تأخذها المدرسة فسألتها ما هذه، فقالت الفتاة انها حبة لألم الرأس فقالت المدرسة وكيف تأخذينها دون اذن من الناظرة وتم ابلاغ أهلهن بالحدث وتبين أخيرا أن فتاتين منهن ساقطتين أمنيا وكان الأمر بناءا على أوامر مخابراتية عبرعميلاته.

1ـ6: العلم والمركز الاجتماعي
في عام 1985م عملت المخ. على تكثيف حملتها الاسقاطية في أوساط الطلبة الثانويين فأرسلت مقابلات عديدة لعدد كبير من الطلاب وخلال المقابلة كان يبلغ الطالب بأنه مفصول من الدراسة ويتم تهديده من هذا الجانب أو الارتباط مقابل ترغيبه بالسفر والدراسة على حساب الحكومة مما دفع العديد من الطلبة الى الموافقة والكثير منهم رفض، من ناحية أخرى كانت هناك مساومة للأخوة الذين أنهوا سنوات عديدة في الجامعات في الخارج وفي آخر عام يمنعوا من السفر للضغط عليهم للارتباط والأمثلة كثيرة.
أما بالنسبة للمركز الاجتماعي فمن المعروف أنه شيء يطمح له كل انسان كأن يكون مسؤولا في عمله أو ناظرا في مدرسته أو مفتشا...ألخ. مما حدا بالمخ. أن تدعم بعض عناصرها وترفعهم وتساوم آخرين في ذلك والا بقي في مكانه طيلة حياته وكثير هم الذين استهوتهم الكراسي فباعوا دينهم بدنياهم وضلوا عن سواء السبيل.

1ـ7: سبل العلاج:
الأخوة الأحباب... أما وقد ذكرنا أسباب السقوط في الدائرة الشخصية نجد من الضروري أن نعرج على العلاج، والذي ينقسم الى مرحلتين ويعتبر علاجا عاما لكل الدوائر مع اختصاص كل دائرة بعلاجات اضافية من جنس العمل.
1ـ7ـ1: المرحلة الأولى ما قبل السقوط
تقول الحكمة المشهورة " درهم وقاية خير من قنطار علاج " وتكاد الأسباب جميعها تنصب في أساس التربية والذي يقع بمجمله على الأسرة ـ المسجد ـ المجتمع - الدولة، ولسنا هنا بصدد شرح تفصيلي لأدوار كل منها فكتب التربية زاخرة بهذا المجال ولكنا نجمل ونقول " لا يصلح أمر هذه االأمة الا بما صلح به أولها".
1ـ7ـ2: المرحلة الثانية ما بعد السقوط
اذا سقط الانسان في وحل العمالة بدأ يتخلى عن فطرته الطيبة وبذرته الصالحة يوما بعد يوم جراء عملية غسيل الدماغ التي تجري له وتوريطه في وحل الرذيلة حتى يهون عليه الزنا في محارمه بل ورؤيتهن مع غيره في وضع مزري، وهنا يأخذ العلاج منحا معاكسا يبدأ.. بالتحقيق،، والتحقيق عملية تهدف الى اخراج كل أمر سيء من هذا المرض الخبيث من داخل العميل المرتبط عن طريق اعترافه ومن ثم لايبقى شيء يراهن هذا العميل على اخفائه لتراوده نفسه بالارتباط ثانية، وحقيقة أن عملية التحقيق من أهدافها أيضا اشعار العميل بفظاظة الذنب ومرارة الذل الذي يلقاه خلال فترة التحقيق كما وتذكره بسرعة زوال المتعة وحلول العذاب المهين مما يجعله في صورة عذاب الآخرة، وعادة ما نجد العملاء بعد التحقيق معهم لديهم الاستعداد الحقيقي للتوبة أو ان شئت فقل تحجيمهم وحرقهم والحذر منهم مما يحد من حركتهم، هذا لمن لم ترق له التوبة ويصر على مواصلة مشواره الخياني.
أما من أظهر استعدادا للتوبة فيتبع معه الآتي:
أ ـ مناقشته في كل أمر فعله للوصول معه الى قناعة بأن ما اقترفه هو ذنب عظيم مستدلين بآيات القرآن وأحاديث الرسول وقصص السالفين.
ب - السير معه وفق منهج تربوي متدرج الخطوات بحيث يراعى فيه ما يلي..
ج - عملية مسح السابق وأن الله يغفر الذنوب جميعا، البناء العقائدي من جديد وكأنه دخل الاسلام حديثا، تحريره من الخوف وتنمية شجاعته في مواجهة القادم بحيث يتعرض لتهديد المخ. من جديد بقتله أو سجنه..الخ
د - اعطائه بعض الممارسات العملية التي تنزع عنه الخوف مثل مشاركته بضرب بعض العملاء لمنحه الثقة بنفسه، الطلب منه أن يقدم عمليا ما يثبت صدق توبته كأن يقوم بعمل عملية عسكرية ـ قتل جنود أو أي شيء آخر.
هذا في السجن أما اذا كان في الخارج فيحبذ أن يبعد عن المخ. وعن أعين العملاء في أول الأمر حتى لايفسد عملية التربية، أن تتم مراقبته بشكل جيد حتى يتم التأكد من عدم عودته، وأخيرا التعامل مع حاجياته ومطالبه اليومية بنوع من الرفق وتوفير بعض الأمور له سواء المادية أو المعنوية أو مساعدات اجتماعية حتى لا يقع في سبب من أسباب السقوط.
2: الدائرة الاجتماعية
وتضم الأخوة والأخوات والزوجة والأم والأب وكل محيط الأسرة للأخ المجاهد وحين نذكر الجانب الايجابي لرفض الأخ المجاهد الارتباط مع أجهزة العدو الصهيوني ومخابراته فان الأمر لا ينتهي بانتصار الأخ وهزيمة المخابرات وانسحابه تبقى الحرب مستمرة والتخطيط سائر لاختراق الأخ من قبل دائرته الاجتماعية مبتغيا الأهداف التالية:
1 - التأثير على الأخ نفسيا حين يعلم أنه ابتلي في أعز ما يملك ناهيك عن تشويه سمعة عائلته وهو المربي ذو المركز الاجتماعي في دعوته وحين نذكر ذلك نود أن ننوه الى أن المخابرات كان حريصا أشد الحرص على اختراق الدوائر الاجتماعية لقيادات الاتجاهات فمثلا ابن اخ الشيخ أحمد ياسين عميل حقق معه وقتل وهناك اخوة أفاضل اخوانهم وأخواتهم اسقطوا.
2 - مراقبة الأخ في أعماله واتصالاته بطرق سهلة ومن داخل بيته ومن ثم تحجيم نشاطه واعتقاله اذا حان الوقت يقول العميل عوني عدس ـ التفاح أن أخوه يعمل في حماس وأنه كان يراقبه وذات مرة رآه يخبىء بعض علب البويا والمناشير ومعدات للعمل فأخذها عوني ثم أعادها وقد بلغ عن أخيه أنه يعمل في حماس فاعتقل.
3 - الضغط عليه لاسقاطه شخصيا اذ أنه لايتوقع أن اخته مثلا أو أخوه مسقط في العمالة والأمر سهل.
2ـ1: أمثلة للاسقاط ضمن الدائرة الاجتماعية
1 ـ يقول العميل محمد خليفة - الشجاعية - في قصة اسقاطه، كنت أجلس أنظر للتلفاز وبينما أنا كذلك اذ باختي تأتي وهي تلبس قميص نوم "شبه عارية" وجلست بجواري واذ بها بدأت تداعبني حتى أغرتني بتقبيلها والوقوع في جريمة الزنا لأجد أنها قد صورتني فارتبطت أمام التهديد، مع العلم أنه كان داخل اطار فتح.
2 - يقول العميل توفيق أبو مكتومة تم اسقاطي وطلب مني اسقاط زوجتي فأسقطتها عن طريق أحد أفراد الشبكة وبدأت أخطط لاسقاط باقي أفراد العائلة بعد طلب المخ. ذلك فاستدعيت زوجة أخي ووضعت لها زوجتي قرص حبوب مثير للجنس - ويعمل على اثارة الهرمونات الجنسية بشكل غريب اذ يشعر الانسان أنه بحاجة الى خلع ملابسه وتفريغ شهوته - في كأس الشراب فلما شربتها وشعرت أنها بدأت مفعولها أخذت أداعب زوجتي وأقبلها أمامها حتى طلبت مني أن أجامعها وتم اسقاطها.
3 - يقول العميل الحقير ناصر عكيلة أنه خطط هو وأخته لاسقاط أمه حتى يتسنى لهم الراحة في العمل وكان أبوه متوفى، فدخل عليها الحمام وطلب منها أن يتحمم معها فوافقت عاطفة الأمومة وخلال استحمامه بدأ يداعب أمه ويقترب منها حتى تمكن منها وزنا بها وكانت أخته تصور فاستدعيت الأم لضابط المنطقة ووافقت على الارتباط بعد التهديد بالفضيحة.
هذه بعض الأمثلة لتوضيح الصورة وبعد استعراض الأسباب والأهداف نود أن نعرج على العلاج لهذه الدائرة...
2ـ2: العلاج في اطار الدائرة الاجتماعية
كما ذكرنا فيما سبق أن العلاج في مختلف الدوائر كل متكامل ويختص كل جانب باختلافات بسيطة نذكرها ثم نوضح المثال في العلاج.
1 ـ على الأخ الذي يشعر بأن المخ. نجح في اسقاط احد اخوانه أو أهله جميعا أن يعلم أن هذا الأمر انما هو ابتلاء من الله وعليه أن يعلم أن أهله هم اخوانه على دربه لا من يخالفه الفكر أو الدين مهما كانت قرابته منك.
2 ـ ينبغي على الأخ ان خشي على نفسه أو زوجته أن يتجنب السكن معهم حتى لايندم فيما بعد.
3 ـ اذا كان الداء على قدر بسيط ـ أخ واحد مثلا ـ فعليه العمل وفق ما سنذكره عبر مثال واقعي بعد استعراض نقاط الوقاية قبل الوقوع في هذه المعضلة وهي كالتالي..
أ ـ التوعية الكاملة للأهل والزوجة والأقارب بأساليب المخ. في الاسقاط وضرب الأمثلة من الواقع لهم ويترتب على ذلك التنويه والتركيز على النقاط التالية...
1 ـ مراعاة الصداقة للاخوة "المرء على دين خليله" الحرص على عدم خروج الأخت أو الزوجة لوحدها وحال الزيارة لأي من الجيران الذين لا يؤمن جانبهم ينبغي ان لا تشرب شيئا وتتذرع بالصيام أو بأي أمر آخر.
2 ـ مراقبة سلوك الأخوة في غالب أحوالهم واجراء التقويم المستمر لسلوكهم وعدم اهمال حاجياتهم تجنبا لهم من الوقوع في المعضلة.
4 ـ علاجات عملية:
حدث وأن اكتشف أحد اخواننا الأفاضل سلوكا شاذا لأخيه الأصغر فراقبه واذ به يمارس اللواط مع آخرين من أبناء الحي فأخذه وضربه ثم تركه فعاد الى فعلته فضغط عليه الأخ فاعترف بالعمالة والارتباط وهنا بدأ الأخ معه في اقناعه في ترك هذا الأمر ومنعه في نفس الوقت من الخروج من البيت لمدة شهر الا أن الشاب بعد أن خرج من البيت اختفى لمدة أسبوع ولما عاد ضربه أخوه وضغط عليه فأقر بأنه كان مع المخ. خلال هذا الأسبوع فبدأ الأخ الأكبر ضمن عملية تربوية في عملية مسح لما في داخل أخيه حتى صلح أمره وترك المخ. التي يئست منه فتركته وهو الآن من الأخوة الملتزمين بحمد الله.
وأخيرا في حالة فشل الأخ في العلاج لمن سقط من البيت عليه أن يحذر أهله ويتم التعامل معه بقسوة وكأنه غريب أو يتم التخلص منه ان أمكن ذلك ويبقى لأمر وفق الظرف الذي يحكم العلاج وسبله.
3: الدائرة الجهادية
ونعني بها دائرة العمل التنظيمي للأخ المجاهد والتي تحاط عادة بالسرية المطلقة والتحفظ خشية الكشف ومن ثم الاعتقال، ولما كانت التنظيمات العاملة على الساحة الفل. هدفا من أهداف المخ. وعبئا من الأعباء التي تلقى على عاتقه اتجه المخ. بأساليبه الى اختراق هذه التنظيمات والعمل على زيادة نسبة المتعاونين في اطارها حتى يتسنى له الكشف لأقطابها والعاملين فيها وافشال أي عمل عسكري يستهدف النيل من العدو وجنوده وعليه خلال هذا النقاش المهم نود أن نعرج على التالي..

3ـ1: طرق الاختراق
3ـ1ـ1: اختراق التنظيم عبر عميل مرتبط أصلا وغير مكشوف: وعادة ما تتم حينما يكون العميل ذو سلوك حسن في نظر الناس ومقرب من أبناء الاتجاه المعين، ففي ظل معطيات التوسع الأفقي في العدد الذي يتبع التنظيم والذي يحرص عليه كافة الاتجاهات العاملة وفق القاعدة " الذي لا تكسبه اليوم يكسبه غيرك غدا "، فانه عادة ما يتم العرض على هذا العميل بالدخول في اطار العمل وهنا يتردد العميل ويشاور أسياده الذين سرعان ما يدفعوه لذلك ويتم توجيهه بشكل جيد في اطار هذا التنظيم ونضرب أمثلة ليتضح دور العملاء خلال اختراقهم للتنظيمات..
3ـ1ـ1ـ1: بعض الأمثلة على اختراق التنظيمات
1 ـ العميل يحيى الكحلوت، ارتبط سنة 1982م، استطاع اختراق فتح وعمل مسؤولا عن لجنة التنسيق بين فتح والجبهة، عمل على اختراق الجبهة الشعبية عن طريق فتاة نظمت لصالح الجبهة وقد سببت ضربة قاسية سنة 1985 م للجبهة، سلم الكحلوت مجموعات كاملة لفتح، أسقط في اطار فتح كثيرا من الشباب الذين استهواهم العمل النضالي أولا ليجدوا أنفسهم أمام حفلات زنا ولواط، نظم مجموعات كاملة من العملاء الذين اخترقوا فتح في كثير من اللجان، وأخيرا حاول اختراق حماس بالتزامه في السجن معها الا أن نهايته كانت على أيدي رجال الأمن هناك فحقق معه لمدة 28 يوم وكان ضابطا لأمن مخيم جباليا لصالح العدو.
2 ـ العميل حسن أبو لاشين، كان ملتزما وخطيب مسجد غير رسمي عملت المخ. على اسقاطه بواسطة العميلة مريم الحج أحمد التي كانت تتردد على دكانه وحاولت أكثر من مرة أن تغريه وكان يرفض أخيرا وقع في شباكها وزنى بها، وقد عملت المخ. على تركه بعد ارتباطه لأنها علمت منه أنه قريبا سيكون في صفوف الاخوان المسلمين الا أنه بحمد الله ترك من اخواننا لأن زوج أخته عميل ولم يدخل الصف فعادت له المخ. وتعاملت معه حتى تم كشفه على أيدي اخواننا والتحقيق معه. والأمثلة في هذا الصدد كثيرة جدا.
3ـ1ـ2: الاختراق عبر اسقاط أفراد التنظيم
3ـ1ـ2ـ1: وسائل اسقاط الأفراد
وتتم عبر الطرق التالية:
1 ـ الاعتقال والتحقيق :- كما ذكرنا سابقا بعد اعتراف الأخ عند المخ. سواء على نفسه فحسب أو انهياره وتسببه في ضربة معينة للتنظيم فانه يكون في حالة نفسية صعبة مما يجعل من السهل دخول الشيطان من مداخله وتبدأ المخ. لعبتها القذرة بمساومته بالافراج عنه مثلا أو الراحة من التعذيب أو التخفيف من الحكم... الخ.
مثال :- العميل اسماعيل ماضي اسقط في أوائل السبعينات وكان ذو مركز في تنظيمه الجبهة الشعبية وقد تم اسقاطه بعد اعترافه وتسببه في ضربة لمجموعته وكان الاعتراف خيانة آنذاك بشكل كبير، وراوده المخ. مستغلا هذا المدخل فكان يقول له " ستسجن مدى الحياة وسيقتلك رفاقك لأنك خائن جبانواعترفت عليهم... وما رأيك لو تعاونت معنا وأخرجناك " فوافق وارتبط وكان من العملاء المشهورين حتى عام 1984 م حينما قتل على أيدي مسلحين في مخيم الشاطىء.
2 ـعبر وسائل الاسقاط المختلفة
وقد سبق أن ذكرنا أمثلة في ملف العميل يحيى الكحلوت فابن التنظيم وبالذات أبناء التنظمات الأخرى غير الاسلامية هم مثل غيرهم يسهل اسقاطهم لانعدام التربية العقائدية ومن ثم يكون الاختراق بشكله الواسع، ويبقى أن نذكر تصريح أبو اياد في كتابه فلسطيني بلا هوية واعترافه بعد حرب الكرامة بأنه دخل في صفوف فتح الأبيض والأسود ولم نكن نميز ومنهم من وصل الى مراكز ذات أهمية.
3ـ2: طرق التعامل مع العملاء من قبل المخ.
تتعامل المخ. مع العملاء الذين استطاعوا اختراق التنظيمات بشكلين ووفقا لأهميتهم ومكانتهم.
الطريقة الأولى :ـ الحرق.. ونعني به كشف العميل للتنظيم بعد انتهاء دوره وذلك تحقيقا لعدة أهداف:
1 - التأثير على التنظيم ومكانته معنويا أمام قيادته وأفراده، فأمام القيادة التي كانت تدعي أنها مستعصية على الاختراق وأنها ذات وعي أمني بارع، تفاجأ أنها قد اخترقت من حيث لاتدري، أما الأفراد الذين عملوا مع هذا العميل سواء كان مسؤولا أو فردا منهم فانه سرعان ما يصيبهم الاحباط الكبير وعدم الثقة بتنظيمهم وأنفسهم مما قد يؤدي الى هوس أمني للبعض.
2 - الاستفادة من العميل داخل المعتقل وذلك بحثه على ممارسة التخريب والتنغيص على حياة المعتقلين ونقله المعلومات عن أنشطتهم ومسؤوليهم.
3 ـ اشغال التنظيمات بعملية التحقيق والتي قد تأخذ وقتا طويلا وجهدا وامكانات كبيرة ناهيك عن الآثار السلبية التي يخلفها التعذيب للعميل على نفوس الشباب من ناحية تربوية.
4 - اشعار العميل بأنه لازال في حاجة الى حماية المخ. ودفعه الى اتباع علنية العمالة وعدم الخجل من كونه عميل مما يساعد المخ. في أهداف مستقبلية يسعى لها مثل تكوين مليشيا من الوحدات الخاصة وغيرها.
الطريقة الثانية: المحافظة عليه...
بحيث يكون العميل على مرتبة من الذكاء ويتمتع بمركز عال في تنظيمه أو متوقع له مستقبل في أن يصل الى مرتبة عليا بحيث يستفاد منه خلال موقعه وفي ذلك تعمل المخ. على...
1 ـ عدم ربط العميل بأي من الشبكات العادية في المنطقة أو في السجن ان تم سجنه.
2 - تركه دون اشراكه في فعاليات العمالة العادية التي سبق وأن ذكرناها أو الخروج مع طلعات جيش ربما تكشفه.
3 - تسهيل أمور اتصاله مع ضابط مخابرات خاص وفي مكان بعيد.
4 - عدم اللجوء الى اعتقال من يبلغ عنهم أو استخدام المعلومات التي يعكيها فورا بحيث يعطي مؤشرا الى كشف هذا الشخص ومن هنا عادة مايتم تخزين المعلومات لوقت الحاجة وتحرص المخ أن تأتي عبر غيره بالتحقيق مع من هو أعلى منه أو مثله في المكانة ليعترف ويلقى عليه اللوم، ومما يذكر أنه على الرغم من حرص المخ. على ذلك كثيرا ما ترتكب أخطاء تجعل أمر كشف العميل أمرا وارد جدا وقد حدث في العميل مصطفى المصري من جباليا وهو برتبة نقيب في منطقته تم كشفه من خلال تقارير الضربة وزاد في ذلك ترتيبات جهاز الأمن أدت الى حرقه حتى أيقن المخ. أنه لا فائدة منه فعملت على حرقه باعتراف العديد من العملاء عليه.

3ـ3: سبل العلاج...
1 ـ محاولة الاصلاح :- وتختص محاولة الاصلاح فيمن ارتبط من أبناء التنظيم واعترف لتنظيمه أنه وقع في العمالة ويطلب اصلاحه وهنا على الاخوة اتباع كل الوسائل التي ذكرت ومتابعته واجراء كل محاولة لمنعه من مقابلة المخ. ثانية وهاكم مثال واقعي حدث مع أحد الاخوة من النصيرات في القطاع. ذكر الأخ لاخوانه أنه أفرج عنه على الرغم من وجود اعتراف منه مقابل موافقته على الارتباط وأبلغهم أن موعدا معه سيجري في الأسبوع القادم فأبلغه الاخوة بعدم الذهاب الا أنه ذهب خوفا من تهديد المخ. ولما سئل عن ذلك لم يبد غير سبب الخوف فحاول الاخوة منعه من مقابلة المخ. ثانية الا أنه عاد فتركه الاخوة على اعتبار أنه سقط.
2 ـ آخر العلاج الكي :- ويتم ذلك حال كون المخترق للتنظيم له فترة في العمالة ولا يرجى اصلاحه وفي المقابل محسوب عليك أمام الجميع بل وله مركز معين فهنا يجب العلاج بطريقة لبقة وخير الطرق للعلاج أن تستدعيه بحجة عمل جهادي ستقومون به وتبلغه أن عليه احضار عبوة وضعت في منطقة "س" للانطلاق وحال ذهابه لاحضارها واقترابه منها يتم تفجيرها به ليبدأ الاعلان عن الشهيد بطل العمليات الذي كان ينوي أن يفعل... الخ. وقد حدثت هذه الطريقة مع بعض التنظيمات ولعل آخرها أحد النسور الحمر التابع للجبهة الشعبية وهو نهاد أبو معمر الذي قتله رفاقه وأعلنوا على الملأ نعيهم لشهيدهم البطل أثناء اشتباك مع الجيش وعلى الرغم من كشف اليهود لهذه العملية الا أنها كانت ناجحة.

4: الاسقاط في معتقلات العدو
لا تقتصر جهود المخابرات لاسقاط الأفراد خارج المعتقلات فحسب، بل انها تعمد الى ذلك وعبر كل الأساليب السابقة (خاصة عن طريق الاغواء والاسقاط الجنسي باستخدام المجندات كأداة اسقاط في السجون) الى استدراج المعتقلين واسقاط ما أمكن منهم داخل المعتقل، وهي بذلك تضمن أحيانا عدم كشف ذلك العميل بعد خروجه، وكذلك فهي تستغل هذا العنصر المتساقط كأسلوب من أساليب التحقيق مع المعتقلين فيما يعرف بأسلوب العصافير أو غرف العار، كما يضاف هنا أسلوب آخر في الاسقاط والادخال في العمالة وهو الدخول الى المعتقل من باب تخفيف التهمة عنه أو الغائها بشرط التعاون معهم

مفهوم الامن

مفهوم الامن
الامنُ، لغة: هو الاطمئنان والسّكينة। وفي المعجم الوسيط (أمن أمناً، وأمانةً، وأمنةً: اطمأنّ ولم يخَف، فهو آمن، يقال لك الامان: أي قد آمنتك) وفي القرآن الكريم: (قالَ هل آمنُكم عليه الا كمَا أَمنتكُم على أخيهِ مِن قَبل) (2). والامنة: الامنُ، منه قوله تعالى: (أمنةً نُعاسا)(3). والبلد الامن: هو البلد الذي امأن فيه أهله. (والتّينِ والرّيتُونِ. وطُورِ سِنينَ. وهذا البلدِ الامين)(4). واستأمنهُ: طلب منه الامانَ. والامنَة: الاطمئنان وسكون القلب. والامون: المطّية المأمونة العثار. ولامأمنُ: موضع الامن. والامن هو نقيض الخوف... قال تعالى: (وليُبدّلنّهُم مِن بعدِ خوفِهِم أمناً)(5). والامن للانسان هو الطُمأنينة والسّكينة وانتفاء الخوف عن نفسه، ما يجعله مقبلاً على الحياة بروح معنوى عال، وثقة بالنّفس. والامن، اصطلاحاً: يعني الاجراءات الامنيّة التي تُتخَذ لحفظ أسرار الدّولة وتأمين أفرادها ومنشآتها ومصالحها الحيوية في الدّاخل والخارج. والاجراءات الامنيّة تتطّلب درجةً عاليةً من التّدريب واليقظة والحذر والمهارة، للوقاية من نشاط العدوّ المتربّص، يقول الله تعالى: (ودط الذّين كفرُوا لو تغفُلُون عن أسلحتكُم وأمتعتكم فيميلُون عليكم مّيلةً واحدةً...)(6). و نظراً الى الوسائل المتطوّرة والمعقّدة، والى السّرية المتناهية التي يستخدمها العدوّ لتجنيد عملائه وتنفيذ مخطّطاته، أصبح لزاماً على الدّولة اتّخاذ الحيطة والحذر، واعمال الاجراءات كافّةً، لمواجهة خطط العدو. وبما أنّ امكانات وقدرات الاجهزة المتخحصة في بلادنا الاسلامية محدودة العدد والعُدة والانتشار، فلا مناص من أن يتحلى أفراد المجتمع بالوعي الامني، ليكونوا عوناً للدولة، فالامن مسئولية الجميع، وليس عملاً تخصيصاً ضيقاً مقصوراً على أجهزة محددة وأفراد بعينهم، بل ان على كل فرد في المجتمع المبادرة بالتبليغ عن أي عمل يقدر أنه يمس الامن، لانه- حتما- سيمس مصلحة الجمهور ذاته، لذا فالعمل الامني يردُ ضمن الاعداد المطلوب لمكافحة العدو (وأَعدُّدوا لهُم مّا استطعُتم من قُوّة ومن رآباط الخيلِ ترهبونَ به عدوّ اللهِ وعدوكُم وآخرينَ من دونهِم لا تعلمونهم اللهُ يعلمهُم)(7) والخطاب فيى هذه الآية شاملٌ، يؤكد ضرورة الاستعداد والحذر، وفيه تنبيه واضح للمندسّين والمتعاونين مع العدو. تعريف الامن: هناك تتعريفات كثيرة للامن، منها: أن الامن هو: «الطمونينة والهدوء والقدرة على مواجهة الاحداث والطوارىء دون اضطراب). ويقول وولتر ليمبان: «ان الدولة تكون آمنة حينما لا تضطر للتضحية بمصالحها المشروعة». ويقول روبرت ماكنمارا: «ان أمن الدول يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية والرفاهية الاجتماعية، وبذلك يكون الامن هو القضاء على الجوع والفقر». ويقول خبراء الامن: ان الامن هو حالة ذهنية ونفيسة وعقلية (security is a state of mind)وفي تراث العرب ورد معنى قريبٌ من ذلك، اذ يقول الشاعر المتني: وما الخوفُ الا ما تخوّفه الفتى وما الامنُ الا ما رآهُ الفتى أَمنا وبالتمعن في هذه التعريفات المختلفة، نجد أن المعاني المشتركة والمتلازمة التي تسبب انعدام الامن هي: الجوع، والفقر، والخوف، والظلم، وتردى الحالة النفسية والذهنية لدى الفرد والجماعة على السواء. وقد أكد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أهمية الامن في حديث جامع، يقول: «من باتَ آمناً في سرِه، مُعافي فيى بدنه عنده قُوتُ يومه، فكانما حيزت له الدّنيا بحذافيرها». ومنذ أن أهبط آدم وزوجه من الجنة الى الارض تقصمها توقٌ فطرىٌّ الى الامن، وسعىٌ حثيث للتحرر من الخوف والشقاء، وبحث مضين عن الطريق المؤدي الى ذلك، وقد بين الله سبحانه وتعالى هذا السبيل في قوله الكريم: (قالَ اهبطا منها جميعاً بعضكُم لبعض عدوٌّ فامّا يأتينكُم مّني هُدى فمن اتّبع هُداي فلا يضلُّ ولا يشقى)(8). فالابتعاد عن هُدى الرّحمن يورث البغضاء والشك والحيرة والاضطراب، واتباع هدى الرحمن يُورث الامن والطمأنينة والتثبيت. ولذا كان الامن- والاحساس بوجوده أو عدمه- حالة نفيسة وعقلية، لان الامن تدخل فيه عناصر روحية وأخلاقية، ويتأثر بالدين والثقافة والتقاليد وغيرها من العناصر التي تشكل الفرد والجماعة، ولعل من أهم المشاكل التي تؤثر فيى الانسان ذهنياً ونفسياً، مشكلتي الجوع والخوف، دعنا نتأمل قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام، الذيى أنزل ذريته بواد غير ذي زرع، فشعر بانتفاء الامن فيى ذلك الموطن ودعا ربه: (ربّ اجعل هذا بلداً آمِنا وارزُق أهلهُ من الثّمراتِ من آمنَ منهُم باللهِ واليومِ الاخر)(9). وقد امتن الله تعالى على قريش بأن منحهم نعمتي الطعام والامن، فقال سبحانه: (لايلافِ قريش. ايلافهم رِحلةَ الشّتِاءِ والصيّفِ. فليعبُدُوا ربّ هذا البيت. الّذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(10). ويضرب الله لنا مثلاً آخر يرتبط فيه الامن والاطمئنان بالجوع والخوف والظلم، اذ يقول: (وضربَ اللهُ مثلاً قريةً كانت امنةً مُّطمئنة ياتيها رزقُها رغَداً من كُل مكان فكفَرت بأنعُم اللّهِ فأذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الجوعِ والخَوَفِ بِمكا كانوا يصنعُون)(11). ومع تطور الحياة وأساليبها استُحدثت مسمياتٌ كبيرةٌ للامن، مثل: الامن القومي، والامن الجماعي، والامن الاقليمي، والامن الدولي. كما برزت مفاهيم جديدة مع اختراع اسلحة الدمار الشامل، فصرنا نسمع عن توازن الرعب- أو تبادل الرعب- وعن استراتيجيات الردع وسباق التسلح، فيبدو، لاول وهلة، أن هناك تناقضاً في أسلوب تحقيق الامن بواسطة الخوف، ويبدو هذا المنطق شبيهاً بمنطق أبي نواس: دَع عنكَ لومي فانّ اللومَ اغراءُ وداوني بالتي كانت هي الدّاءُ انّ أسلوب الرعب، في واقع الامر، أسلوب غريزي، واننا لنشاهده يومياً لدى الطيور والحيوانات، حين تضخم ريشها، أو تنفخ أوداجها، أو تفرد أجنحتها، وهي أساليب غريزية لاظهار القوة كيلا تحتاج الى استخدامها. كما نشاهد ذلك فيى عالم الاسنان، حين تستخدم بعض دور العرض الجاهيري في خدمتها حراساً مفتولي العضلات بقصد الردع النفسي لمن تحدّثه نفسه أن يخل بالامن. والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «نُصرتُ بالرُّعب مسيرة شهر»، ويفهم من هذا الحديث الشريف أن اظهار القوة للاعداء يُعدُّ من عوامل النصر عليهم. واذا قرأنا هذا الحديث مع الآية: (وأعدُّوا لهُم ما استطعُتم مآن قُوة ومن رّباطِ الخيلِ ترهبونَ به عدوّ اللهِ وعدوكُم وآخرين مِن دونهِم لا تعلمونُهم اللهُ يعلمهُم)(12)، يتضح ما لاعداد القوة، واظهارها من أثر في اخافة العدو. وقد قاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه بضعاً وعشرين غزوة، قاتل العدو في تسع منها، وفر المشركون في تسع عشرة غزوة دون قتال. وفي العام الثاني لموقعة مؤتة- في السنة التاسعة الهجرية- قاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه غزوة تبوك، فأظهر قوة المسلمين للروم، ثم عاد الى المدينة المنورة، فكان لتلك الغزوة أثرها المعنوي السلبي في الروم وحلفائهم الغساسنة. الامن القومي: يختلف مفهوم الامن القومي من دولة الى أخرى، تبعاً لقوة اقتصاد الدولة وآلتها الحربية وأهميتها السياسية والاستراتيجية، وغير ذلك من العوامل. ولكن ما تعارفت عليه الدول هو أن حدود الامن القومي للدولة تجسدها الحدود السياسية والطبيعية لتلك الدولة، وهذه الصيغة أفضل من الصيغة التي تحدد مجال أمن دولة ما، بالمدى الذي تصل اليه مدافعها وأسلحتها، وهي صيغة سادت في الماضي ثم بادت بقيام عصبة الامم ثم هيئة الامم من بعدها. ولكن من المؤسف أن الصيغة القديمة بدأت تُطل برأسها من جديد، اذ نرى في عالم اليوم أن بعض الدول تعتبر أن حدود أمنها القومي تشمل العالم أجمع، ويحدث هذا، عادة، عندما تنفرد دولة ما بالسيادة، فعتبر نفسها- ويقر لها آخرون بذلك- الدولة الاعظم فيى العالم. ومثل هذا الاعتقاد هو أخطر الصيغ على الامن والسلم الدوليين، لانه يؤدي الى التدخل في شئون الاخرين وملاحقتهم الى الحد الذيى يمكن أن ينجم عنده انفراط أمن المجتمع الدولي. والدول عادة توازن موازنة دقيقة بين أمنها القومي وحدوده من جهة، والتعايش السلمي مع الاخرين وعدم المساس بأمنهم القومي وحدوده من جهة اخرى. ولعل أسباب كثير من التوتر والحروب والصراعات بين الدول مردُّها الى الطموحات غير المشروعة، والاعتقادات غير المبررة التي تؤدي الى التعدي على الآخرين وظلمهم. ويلجأ كثير من الدول الى صيغ مختلفة لتعزيز الامن، مثل ابرام الاتفاقات الدفاعية والامنية، وعقد الاحلاف العسكرية ومعاهدات عدم الاعتداء، واتفاقيات تبادل المعلومات، وغير ذلك، بينما يلجأ بعض الدول الى عزلة اقليمية كصيغة من صيغ الحفاظ على الامن القومي. ومهما اختلفت الطرق التي تنتهجها الدول فان الهدف واحد، هو: الحفاظ على المصالح العليا. ويقول هارولد براون- أحد وزراء دفاع الولايات المتحدة السابقين-: ان الامن القومي هو: (القدرة على صياغة وحدة الامة ووحدة أراضيها، والحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع دول العالم بشروط معقولة). ويقول غيره بأن الامن القومي هو: (قدرة الدولة على حماية كيانها ضد الاخطار الماثلة أو المحتملة، وقدرتها على حماية مجموع مصالحها القومية، وادارة مواردها بما يحقق الاهداف القومية من أجل رفاهية الشعب). وفى تراثنا الاسلامي شواهد كثيرة تدلل على مشروعية المعاهدات والاحلاف، والاتفاق على التعايش السلمي، قال تعالى: (وأذانٌ مِن اللّه ورسُوله الَى النّاس يومَ الحجّ الاكبرِ أنّ اللهَ بريءٌ مّن المُشركينَ ورسولُهُ فإِن تبتُم فهُو خيرٌ لّكُم وان توليتُم فاعلمُوا انّكم غيرُ معجزي اللّه وبشّر الّذين كفرُوا بعداب أليم. الا الّذين عاهدتُم من المشركينَ ثمّ لم ينقصوكُم شيئاً ولم يظاهرّوا عليكُم أحداً فأتمُّوا اليهم عهدهُم الى مدتهِمِ انّ اللّه يُحب المُتقينَ. فاذا انسلخَ الاشهُرُ الحُرُمُ فاقتلُوا المُشركين حيثُ وجدتموهُم وخذوهُم واحصروهُم واقعدُوا لهُم كلّ مرصد فان تابُوا وأقامُوا الصلاةَ وآتوُا الزّكاة فخلّوا سبيهلُهم ان اللّه غفورٌ رحيمٌ. وان أحدٌ مّن المشركِينَ استجاركَ فأجرهُ حّتى يسمَعَ كلامَ اللّه ثُم أبلغه مأمنهُ ذلكِ بأنهُم قومٌ لا يعلمُونَ. كيف يكونُ للمُشركينَ عهدٌ عند اللهِ وعند رسولهِ الا الذينَ عاهدتُم عند المسجدِ الحرامِ فمَا استقاموا لكُم فاستقيموا لهُم انّ اللهَ يحبُّ المتقينَ)(13). وقد عقد الرسول الكريم العديد من المعاهدات مع اليهود ومع الكفار والمشركين، منها معاهدته مع يهود بني عاديا من تيماء، التي جاء فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتابٌ من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبن عاديا: أنّ لهم الذمة وعليهم الجزية، ولا عداء ولا جلاء، الليل مد والنهار شد». ومعاهدته صلى الله عليه وسلم مع يهود بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع، التي جاء فيها: «وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتَهم، وأنّ بينهم على من حارب أهلَ هذه الصّحيفة وأنّ بينهم النصح والنصيحة والبر، دون الاثم، وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وأنّ النصر للمظلوم، وأنّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأنّ يثربَ حرامٌ جوفها لاهل هذه الصحيفة». وفي هذه المعاهدة- كما يبتدى- اتفاق جلى على الدفاع المشترك عن يثرب، وهو اتفاق سبّاق في هذا المجال. كذلك أقام الرسول صلى الله عليه وسلم صُلحاً مع قريش هو (صلح الحديبة)، الذي قاد الى تأمين الجبهة الداخلية، والتفرغ لمجابهة اليهود، وكاتن أن أسفر ذلك الصلح عن فتح تاريخي للاسلام. وقد أوجب الاسلام الوفاء بالعهود والاتفاقات وحذر من نقضها، الا بالاسباب الموجبة التي تجوّز نقضها، قال تعالى: «يا أَيّها الّذين آمنُوا أوفُوا بِالعقُودِ)(14). أو (فمَا استقامُوا لكُم فاستقيمُوا لهُم)(15).

والمخابرات ... " 1- الامن ... ف 2 "
الفصل الثاني مصادر تهديد الامن يتخذ تهديد الامن ونماطاً متعددة، بحسب تعدد المجالات المرتبطة بالامن ذاته، اذ يكفي أيٌ منها لاحداث خلل في مسيرة الدولة، لما يترتب على ذلك من تأثير في استقرارها، وفيما يلي نعرض لتلك الانماط بمجالاتها المختلفة. التهديد العسكري والامني: أ - النمط الداخلي. ومن مهدداته: * وجود مليشات مسلحة معارضة. * وجود تنافس ضَار بين مختلف قوى الدولة، خاصة في قوى الامن المتعددة، عند غيبة التنسيق بينها. * عدم قدرة الدولة على توفير أمن المواطن وحمايته. * انتشار الفساد وسط قوى الامن. * الظلم الاجتماعي، واشتراك قوى الامن في تكريسه. * ضعف الانتاج الحربي في الذخائر وقطع الغيار والمعدات. * انخفاض المستوى التّقني في المعدات. * عدم قدرة الدولة على تعبئة امكاناتها العسكرية والمدنية. ب - النمط الخارجي: ومن مهددادته: * الغزو المسلح. * الحشود المسلحة. * المناورات أو التدريب على الحدود أثناء التوتر السياسي. * امتلاك الدول المجاورة أسلحة هجومية متقدمة. * دخول دولة مجاورة في حلف عسكريى أو أمني مع العدو، خاصة عندما يكون ضمن نصوص الحلف ما يهدد أمن الدولة ومصالحها. * فرض الحظر على إمدادات الاسلحة والذخائر والطاقة وقطع الغيار والسلع الاستراتيجية، وتجميد أرصدة الدولة بالخارج. * اضطراب امن دول الجوار وآثاره السلبية، مثل تدفق اللاجئين والاسلحة. وفي دراسة هذه التهديدات، ينبغي تحديد العدو المحتمل، ودراسة انماط العمل العدائي التي سلكها في الماضي، والاحتمالات التي قد يسلكها في المستقبل، ودراسة مدى رفض او قبول الرأي العام - العالمي والمحلي والاقليمي - اعمال العدو، وادعاءاته. التهديد السياسي: وله ايضا وجهان: أ - النمط الداخلي: * ضعف المشاركة الشعبية في النظام السياسي، وعمق الشعور بعدم الانتماء والولاء. * وجود تأثير ضار وضغوط من جماعات المصالح على النظام السياسي. * ضعف السلطة التنفيذية. * تناقض الاهداف وعدم وضوحها. * انتفاء الاستقرار السياسي، وكثرة تعديل القرارات، والتعديلات الوزارية. * الاستقطاب والصراع الاجتماعي والفئوى والقبلى الحاد. ب - النمط الخارجي: * تجميد عضوية الدولة في المنظمات السياسية والدولية، او فصلها من المنظمات والهيئات الدولية. * فرض العقوبات من المنظمات السياسية الدولية. * التحالف والتكتل السياسي ضد الدولة. * قطع العلاقات الدبلوماسية. * اعمال الجاسوسية والتخريب. * ترويج الدعاية والشائعات ضد الدولة، لعزلها عن المجتمع الدولي. التهديد الاقتصادي: أ - النمط الداخلي: * الفقر وانخفاض مستوى العيش، وضمور الناتج القومي. * انتفاء العدالة في توزيع الثروة ووجود فوارق طبقية هائلة. * ارتفاع نسبة البطالة. * ضعف توفر الطاقة والمواد الاولية للصناعات. * خلل التموين، وقلة الانتاج، وتوقف الاستيراد لتلبية النقص في الحاجات الاساسية. * عدم الاكتفاء من المواد الاستراتيجية. * غياب - او ضعف - الرقابة الحكومية على الحركة الاقتصادية، وعلى وجه الخصوص في: المصارف الخاصة والاجنبية، والشركات متعددة الجنسيات. ب - النمط الخارجي: * فرض الحصار الاقتصادي على الدولة. * المقاطعة الاقتصادية. * التكتلات الاقتصادية المعادية. * ايقاف المعونات. * التدخل الخارجي لفرض اوضاع اقتصادية لا تتفق ومصالح الدولة. * رصد نقاط الضعف في التخزين، والنقص في المواد الاستراتيجية. التهديد الاجتماعي: ويتمثل في: * الاستلاب، ونشر ايديولوجيات وعادات وتقاليد اجتماعية وسلوكية ضارة بالمجتمع. * استخدام الحرب النفسية ضد الدولة عن طريق الاعلام المضاد. * تصدير اللاجئين. * كسب جماعات سياسية موالية للاجنبي. * اثارة النعرات القبلية والطائفية. * تنافر التركيبة الاجتماعية واشتعال الحروب القبلية او الاهلية. * تدنى مستوى التعليم والصحة. * تدنى مستوى الارادة والانضباط. * الاغتراب، والنُّزُوح، والهجرة العشوائية. * وجود خلل في النمو السكاني.

الظروف الحياتية في السجون والمعتقلات


الظروف الحياتية في السجون والمعتقلات

اتسمت الظروف الحياتية في السجون والمعتقلات بعدم الاستقرار. فقوانين الصراع والمدافعة، تتحكم في مجريات الأمور داخل أسوارها، والمدافعة بين المجتمع الاعتقالي الذي يجاهد من أجل البقاء والحياة الكريمة العزيزة وبين إدارة المعتقلات التي تعمل على تحطيم كل أسباب الصمود والثبات في نفوس المعتقلين هي أهم ما يميز حياتها اليومية. ففي الوقت الذي ينظر فيه المعتقلون، إلى أنفسهم نظرة افتخار، وشموخ واعتزاز، فهم يؤدون رسالة مقدسة عظيمة، في الدفاع عن وطنهم، وشعبهم، أمام الاستيطان اليهودي ويقدمون في سبيل هذه الغاية النبيلة المهج والأرواح، ويستصغرون في سبيل ذلك، شتى أنواع المعاناة. فإن السجانين من أفراد الشرطة اليهودية ينظرون إلى المعتقلين، نظرة عداء وصغار فالمعتقل يمثل في رأي إدارة المعتقلات المخرب والقاتل والمجرم الذي يستحق أشد أنواع العذاب، بل حتى في رأيهم لا يستحق الحياة، مما جعلهم يتفنون في ابتكار صور لا حصر لها، من التضييق والتنكيل بالمجتمع الاعتقالي. هذه هي حقيقة العلاقة بين تجمعين متناقضين في الأهداف والغايات، لا يجمعهم أي قاسم مشترك سوى الوجود في حيز واحد، من الزمان والمكان، واضطرارهم للتعامل مع بعضهم البعض، المعتقلون بحكم سلطة الاحتلال والسجانون بحكم الوظيفة والعمل. هذا الواقع يختلف اختلافاً كبيراً عن واقع السجون في كثير من أنحاء الأرض، فرسالة السجن هي رسالة إنسانية إصلاحية وما العقوبة التي يقضيها المعتقل إلا جزءاً من هذه الرسالة، أما في سجون الاحتلال اليهودي وأمثالها فهي مختلفة تماماً، فالسجن فيها للانتقام وتدمير المعتقلين نفسياً و جسدياً، في محاولة مكشوفة للقضاء على روح المقاومة والجهاد في نفوس الشعب الفلسطيني عامة والمعتقلين على وجه الخصوص. والمعركة تستعر بين قوتين غير متكافئتين، فالمعتقلون لا يملكون من أسباب القوة شيئاً عدا إيمانهم بحقهم وتصميمهم على تحقيق أهدافهم، وأملهم في التحرير والخلاص من عدوهم، وإدارة المعتقل تملك كل أسباب القوة، من ضرب وتنكيل وحرمان، من الطعام والشراب وحتى الهواء. هذا الواقع غير المتكافيء جعل الحياة الاعتقالية غير مستقرة على حال، فكل من قطبي المعركة يعمل على تـأكيد سيطرته على المعتقل وتحقيق أهدافه. فكل طرف يتربص بالآخر وينتظر الفرصة السانحة، ليبدأ معركة تكتيكية محدودة تمكنه من التقدم لتحقيق هدف المعركة الاستراتيجية. وتارة يخوض المجتمع الاعتقالي معركة حامية الوطيس من أجل قطعة من الخبز أو حفنة من الماء أو قليل من الهواء النقي، وتارة أخرى من أجل الخلاص من كلمة يرون فيها تجسيداً للعبودية مثل كلمة يا سيدي، وتارة من أجل الدواء وأحياناً يخوضون معارك ضارية من أجل تأكيد سلطتهم الثقافية والتنظيمية داخل المعتقل. إن الحياة الاعتقالية تتسم بعدم الثبات، والتحول والتبدل وذلك بسبب عدد من العوامل أهمها: 1- إدارة المعتقلات والأجهزة الأمنية فيه تهدف إلى حالة من عدم الاستقرار في المعتقلات فهي تفتعل الصراعات إن لم يكن هناك موضوع لذلك، وذلك لما حالة الاستقرار في المعتقلات من آثار إيجابية على حياة المعتقلين. 2- طبيعة الأدوار التي تقوم بها القيادات التنفيذية في المعتقلات، إذ أن لكل فرد منهم دور مرسوم ومتفق عليه وذلك بهدف زيادة التوتر النفسي لدى المعتقلين. 3- الوضع الأمني العام ومدى تأثر كل من المعتقلين وإدارة المعتقلات به. 4- الإعلام اليهودي من إذاعة وتلفاز وجرائد وما يقوم به من تحريض لإدارة المعتقلات ضد المعتقلين. 5- الواقع السياسي يؤثر أيضاً على هذه العلاقة، فمثلاً تتحسن الظروف عند المبادرات السياسية السلمية وتسوء عند فشل هذه الجهود وتغير الأحوال السياسية. 6- تتأثر الحياة داخل المعتقلات بالجهود الإنسانية التي تقوم بها المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الإنسان فتتحسن الظروف بكثرة تدخل هذه المنظمات وتسوء عند عدم تدخلها أو قلة اهتمامها بظروف المعتقلين. 7- من أهم العوامل المؤثرة في استقرار الحياة الاعتقالية، تماسك المجتمع الاعتقالي تماسكاً تنظيمياً وأمنياً، وعدم وجود خلافات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة داخل المعتقل الواحد أو خارجه. الظروف المعيشية من طعام وشراب خاض المعتقلون نضالات جبارة وسقط الشهيد تلو الشهيد من أجل تأمين الظروف المعيشية اللائقة بالإنسان، ولا يزالون يناضلون من أجل ذلك. إن سلطات المعتقلات، لا تألوا جهداً في استخدام لقمة عيش المعتقلين وغذائهم كوسيلة من وسائل السيطرة والهيمنة لتركيعهم وابتزازهم. إن فلسفة إدارة المعتقلات في تقديم الغذاء للمعتقلين توضحها التهديدات المتكررة بالتوقف عن تقديم الغذاء والامتناع عن تقديم ما يكفي منه، وكثيراً ما كانت تردد"إننا نطعمكم لتستطيعوا تحمل الضرب والتعذيب، ولا نطعمكم لتعيشوا بصحة جيدة، بل لنقتل فيكم الصحة والمقاومة، إن الأيدي التي جاءت لتقتل عليها ألا تستفيد من الطعام الجيد، من جاء ليقتل لا يستحق الحياة، ولا طعام من أجل الحياة، بل من أجل العذاب والموت البطيء، لن نكافئكم على عملكم بطعام جيد، الكلاب أفضل منكم وغير ذلك من المقولات بالحقد والانتقام والمهانة. وعلى الرغم من هذه الروح التي ميزت تعامل إدارة المعتقلات اليهودية إلا أن المتتبع لأحوال المعتقلين المعيشية يلاحظ بلا شك، أن الظروف المعيشية قد تحسنت باضطراد مع مرور الزمن، وذلك بفضل سلاح المعتقلين الاستراتيجي وهو الإضراب عن الطعام، وما تبعه من تضحيات وشهداء يمكننا أن نميز اختلافاً في مستوى الحياة المعيشية في أكثر من فترة زمنية. ففي الأيام الأولى للاحتلال اليهودي لقطاع غزة والضفة الغربية، لم يعان المعتقلون الفلسطينيون من سوء الطعام المقدم وقلته، وذلك لأن إدارة المعتقلات كانت تسمح بإدخال المواد الغذائية عن طريق أهالي المعتقلين والصليب الأحمر الدولي مما كان يتيح للمعتقلين طعاماً متنوعاً وذا قيمة غذائية جيدة. ولكن هذا الأمر لم يدم طويلاً، إذ قامت إدارة المعتقلات بمنع الأهالي من استصحاب المواد الغذائية، وكذلك توقف الصليب الأحمر عن ذلك، وأصبحت إدارة المعتقلات هي المسؤولة عن ذلك الأمر، فمنذ عام 1969، أصبحت إدارة المعتقلات تتحكم في كمية ونوعية الطعام المقدم للمعتقلين، ومنذ ذلك التاريخ والطعام يشكل مزمنة في العلاقة بين المعتقلين وإدارة المعتقلات، إذ أصبح الغذاء سلاحاً بيد إدارة المعتقلات تستخدمه في تحطيم أجسادهم وإضعاف نفسياتهم وإذلالهم من خلال سوء التغذية، هادفة بذلك إلى تركيع المعتقلين لسياستها . اختلفت كمية ونوعية الطعام المقدمة من معقتل إلى آخر وذلك نسبة لجملة عوامل منها طبيعة السجون، مدنية كانت، أو أمنية، وطبيعة المعتقلات، مغلقة كانت في وجه الصحافة والمؤسسات الدولية الإنسانية، أو مفتوحة، واختلفت كميات الطعام المقدمة للمعتقلين أنفسهم في المعتقل الواحد، تبعاً لكون المعتقل تحت التحقيق أو خارجه، أو في الغرف، أو في الزنازين. تقبل المعتقلون في بداية الاحتلال هذه الظروف المعيشية بصبر ودون مقاومة، وذلك نظراً لعدة عوامل أهمها: أن المجتمع الاعتقالي لم يكن مجتمعاً منظماً، وأن التجربة الاعتقالية لم تكن قد نضجت بعد، وأن الخبرات الاعتقالية كانت محدودة، مما أطلق العنان لإدارة المعتقلات أن تتدخل حتى في بناء خلايا أجسام المعتقلين عن طريق تحديد كميات الطعام ونوعيتها، وكانت الوجبات المقدمة في ذلك الوقت تتصف بالآتي : 1- قلة كمية الطعام حتى أنها لا تكفي لطفل. 2- رداءة الطعام المقدم. 3- طريقة الطهي كانت تتصف بعدم النظافة والرداءة. 4- عدم وجود رقابة صحية مما كان له الأثر في حدوث حالات من التسمم الجماعي. 5- افتقاد الطعام لكثير من العناصر الضرورية للصحة البدنية. نتيجة لما سبق شكل الطعام مشكلة مركزية للمعتقلين أثرت على العلاقة بين المعتقلين وإدارة السجون(المعتقلات): فكانت سبباً لكثير من المصادمات وتقدمت قائمة المطالب عند قيام المعتقلين بالإضرابات أو الاحتجاجات أو الاعتصامات. وتركزت مطالبهم على الآتي: 1- تحسين نوعية الطعام. 2- زيادة كميته. 3- إشراف المعتقلين على علمية إعداد طعامهم وطهيته. ونتيجة لهذه الأوضاع السيئة ومع تنامي الوعي عند المعتقلين، وبعد تشكيل السلطة التنظيمية داخل كل معتقل استطاع المعتقلون تحسين الظروف المعيشية، وخاصة بعد إضراب سجن عسقلان المشهور بتاريخ 5/7/1970، حيث تم إدخال بعض التحسينات الطفيفة على الوجبات. واستمر المعتقلون بعد ذلك ينظمون الاحتجاجات المختلفة لإدخال تحسينات أكثر من ذلك، وخاصة أن المطبخ وعملية الطهي بقيت في يد إدارة المعتقلات، كما أن كميات المواد الغذائية المخصصة للمعتقلين كانت تسرق من قبل إدارة المعتقلات وأفراد الشرطة. وبفضل النضال المستمر تحسنت ظروف الطعام فأصبحت كالتالي: صباحاً: أ- ثلاثة أيام فول + قطعة زبدة بوزن 40غرام + نصف حبة بندورة + شاي أو قهوة + ثلث رغيف ب- أربعة أيام بيض مسلوق + ملعقة مربى كبيرة + قطعة زبدة بوزن 40غرام + قليل من الزيتون + نصف صحن"ديسة" مكون من السميد والماء الساخن والسكر + ثلث رغيف. ظهراً: أ- ثلاثة أيام نصف صحن من الأرز + صحن شوربة خضار + قطعة لحم مجمد + أو قطعة دجاج أو سمك مجمد. ب- أما الأيام الباقية فيقدم نصف صحن بطاطا مطحونة + شوربة خضار + قطعة سمك أو لحمة + 70 غرام فواكه + ثلث رغيف. مساء: باذنجان مقلي أو بطاطا أو زهرة + كوب شاي + ثلث رغيف + نصف حبة بندورة. على الرغم من التحسن الكبير نسبياً في ظروف الطعام في السجون، إلا أن كمية ونوعية الطعام لا زالت مخالفة لما تنص عليه المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة. أما بالنسبة للمعتقلات التابعة لسلطة الجيش اليهودي وتشرف عليها وحدات من الشرطة العسكرية، فإن الظروف المعيشية فيها سيئة بدرجة كبيرة ولا تختلف كثيراً عن الظروف المعيشية التي بدأت بها السجون في بداية فترة الاحتلال، وهذه المعتقلات هي أنصار"2" وأنصار"3" (كتيسعوت) والفارعة والظاهرية ومجدو. فالطعام قليل الكمية لا يشبع، ومنخفض القيمة الغذائية، وغير نظيف ولا مستساغ الطعم. الماء إن الماء حق طبيعي لكل إنسان، أما في السجون اليهودية فهو ليس كذلك، وإنما هو وسيلة، للتضييق على المعتقلين، حيث يُستخدم كعقاب جماعي ضد المعتقلين، عند أي مخالفة صغيرة كانت أم كبيرة، مما جعله سبباً للإضرابات والاحتجاجات. ففي بداية فترة الاحتلال كانت المعتقلات تتسم بالآتي: 1- الاكتظاظ في الغرف، مع الانقطاع الكبير في الماء، مما كان له أثر كبير في ظهور روائح كريهة من المراحيض الموجودة داخل الغرف، مما تسبب عنه ظهور حالات من الصداع. 2- قطع الماء عمداً وقت الأكل، مما يتسبب في بقاء أدوات الأكل بلا تنظيف، وكذا الغرف فضلاً عن الأيدي. 3- بقاء المعتقلين فترات متباعدة دون استحمام وخاصة في أيام الصيف حيث الحرارة والرطوبة العاليتان وذلك بسبب عدم توفر المياه أو قلتها. 4- عدم توفر المياه الساخنة وخاصة في فترات الشتاء حيث الحرارة المنخفضة جداً. ففي بداية فترة الاحتلال، كانت إدارة المعتقل تسمح بالاستحمام مرة واحدة كل أسبوعين، شريطة أن يستحم كل ثلاثة معتقلين في ركن واحد، وتحت دش واحد، ولمدة عشر دقائق فقط، ومع تطور الأوضاع الاعتقالية، وبعد سلسلة نضالات دامية استطاع المعتقلون إرغام سلطات المعتقلات على توفير الماء في كل الأوقات. وهكذا تم حل هذه المشكلة الحيوية، أما في المعتقلات العسكرية فلا زالت الظروف سيئة ولم تحسم مشكلة المياه بعد. الأوضاع الصحية لم تكن الأوضاع الصحية أوفر حظاً من الأحوال المعيشية، بل على عكس ذلك، فقد كانت الأكثر سوءاً، إذ عانى المعتقلون معاناة كبيرة، من تفشي الأمراض، وسوء الأحوال، وقلة الدواء، مما كان له الأثر في استشهاد عدد كبير من المعتقلين، ممن لم تتوفر لهم الظروف الصحية المناسبة، أو نتيجة لأخطاء الممرضين والأطباء المقصودة، وغير المقصودة، كما أصيب عدد آخر من المعتقلين بالأمراض المزمنة، فمنهم من فقد البصر ومنهم من أصيب بالصمم. ولكي نستعرض الأوضاع الصحية فإننا سنلقي الضوء على المشاكل الآتية: - مشكلة الأطباء والممرضين. - مشكلة الدواء"العلاج" - مشكلة الأمراض. - العيادة. الأطباء والممرضون: لا شك أن الأطباء والممرضين جزءاً لا يتجزأ من إدارة المعتقلات وبهذا فهم محكومون بالسياسة العامة للمعتقل، مما أثر على طبيعة عملهم، المفترض فيه البعد الإنساني. فأصبح مَثلَهم مثل غيرهم، جزءاً من سياسة القمع والتنكيل، بالمعتقلين، وكانوا يقومون بالإشراف على تنفيذ حكم الإعدام بالموت البطيء على المعتقلين، وذلك بترك الأمراض تنخر في أجسام المعتقلين، التي ضعفت مقاومتها نتيجة للظروف الاعتقالية القاسية، ويمكننا أن نشير إلى الآتي في معاملة الأطباء والممرضين للمعتقلين: 1- أطباء المعتقلات غير متخصصين، عدا طبيب الأسنان، وطبيب العيون إن وجد والأخيران لا يظهران إلا في فترات متباعدة قد تصل إلى أكثر من ثلاثين يوماً. 2- مهمة الأطباء لم تكن علاج المرضى وإنما تنحصر في إعطاء المرضى مسكنات مع الإبقاء على الأمراض تستوطن وتفتك بالمعتقلين، كنوع من سياسة التعذيب والاعتقال. 3- عدم السماح لأطباء من الخارج بعلاج المعتقلين، وذلك بحجج الأمن. 4- اشتراك الأطباء والممرضين في عمليات تعذيب وقمع المعتقلين، عند وقوع نزاع بين إدارة المعتقل ومجموع المعتقلين. 5- أهم ما يميز معاملة الأطباء هو كونهم حلقة وصل تعمل على إسقاط المعتقلين ضعيفي النفوس وقليلي الوعي في حبال الأجهزة الأمينة، وذلك من خلال ربط تقديم الخدمة الطبية بالتعامل مع المخابرات ضد المعتقلين، فكثير من الحالات التي ارتبطت بالعمالة تم ربطها عن طريق العيادة أو الممرض أو الطبيب. 6- الإهمال المتعمد في تشخيص وعلاج المعتقلين، كأن يشكو المعتقل المريض من مرض ما فيعطيه علاجاً لمرض آخر. مشكلة الدواء"العلاج": إن مشكلة الدواء من المشاكل الظاهرة في المعتقلات، فلم يقدم في تاريخ المعتقلات علاج كامل لأي مريض، إنما يتمثل العلاج في بعض المسكنات،أمثال الأسبرين أو الأكامول، أو يعطي المرضى علاجاً خاطئاً غير مناسب للحالة. تفشي الأمراض: لا شك أن العوامل الموضوعية المساعدة على انتشار الأمراض في المعتقلات كثيرة منها على سبيل الذكر لا الحصر، سوء التغذية، والازدحام الكبير وسوء الأحوال الصحية وخاصة أن المقاومة الجسدية للمعتقلين تتناسب تناسباً عكسياً مع تزايد مدة الإقامة في المعتقل، وقد تبين أن الأمراض قد بدأت في الظهور بشكل ملفت للنظر بين المعتقلين بعد مضي خمس سنوات على الاعتقال، حيث بلغت نسبة المرض في السنوات الخمس الأولى حوالي 10% أما في الخمس سنوات التالية أي بعد عشر سنوات من الاعتقال قد تراوحت النسبة من 50-60% وهكذا دواليك. أما بالنسبة لعدد الأمراض التي أصابت كل شخص معتقل فقد وصلت نسبة المصابين بأكثر من مرض واحد 60% من المعتقلين وأغلب هذه الأمراض كانت مزمنة كأمراض المعدة، والرئة، والأمعاء، والصداع، والقلب، والانهيار العصبي، وارتفاع الضغط، وحسب إحصائية أجراها المعتقلون في معتقل جنيد عام 1985، تبين أن جملة الأمراض المزمنة تبلغ 33مرضاً مزمناً، ويعاني منها 160معتقل . العيادة: في أغلب المعتقلات يوجد عيادة، يداوم فيها ممرض أو أكثر ويشرف عليها طبيب غير متخصص، وعادة تكون العيادة صغيرة، مجهزة بشكل متواضع، تحتوي على سرير أو أكثر وذلك لاستقبال الحالات الخطيرة والتي بحاجة ماسة للإشراف الطبي المباشر. وباستقراء تجربة المعتقلين مع العيادات يمكننا أن نلاحظ الآتي: 1- العيادة مركز لتنظيم العملاء، ومكان لإدارة الخطط وتوجيهها من أجل جمع المعلومات، وخلق المشاكل للمعتقلين والتآمر، وحسب إحصائية أجراها المعتقلون تبين أن 80% من العملاء داخل المعتقلات قد تم تنظيمهم عن طريق العيادة. 2- مكان لتعذيب المعتقلين نفسياً وجسدياً، حيث لا يعطى العلاج بهدف الشفاء من الأمراض وإنما لتسكين المرض فقط. ولقد سنت إدارة المعتقلات عدة قوانين تهدف إلى ربط المجتمع الاعتقالي بالعيادة، لتلقي أي علاج أو أي رعاية صحية مهما صغرت، وذلك للتغطية على اتصالاتهم بالعملاء. وفي الختام يمكننا تلخيص أسباب سوء الأوضاع الصحية في المعتقلات إلى الأسباب الآتية: 1- حالة الاكتظاظ في الغرف. 2- تصميم المعتقلات غير الصحي، وخاصة سوء التهوية وعدم تعرض الغرف لأشعة الشمس 3- الرطوبة العالية مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض الروماتيزم والربو. 4- سوء التغذية 5- قصر الفترات التي يتعرض فيها المعتقل للهواء والشمس. 6- عدم السماح بدخول الأطباء المختصين إلى داخل المعتقلين. 7- المعاملة القاسية من إدارة المعتقلين، مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية. 8- قلة وعي بعض المعتقلين.
معجم الألفاظ الاعتقالية
إن الحياة الاعتقالية زاخرة بالإبداعات، والتي لا يقف حدها عند الفن والأدب وإنما يتعداه إلى الألفاظ واللغة، فالمعتقل منذ اعتقاله وحتى تحرره من القيد، يستخدم قاموساً لغوياً خاصاً بالحياة الاعتقالية، فيصادف ألفاظاً ومسميات وتعابير، تحمل مدلولات بواقع المجتمع الاعتقالي، ولها إيحاءات نفسية لا يحسها ولا يتفاعل معها إلا من سبق له الاعتقال.
بعض هذه الألفاظ يرجع في أصوله إلى اللغة العربية الفصيحة وبعضها الآخر إلى العامية الفلسطينية، وأخرى مشتقة من اللغة العبرية، واستطاع الباحث إحصاء ما يقرب من مائة كلمة، سيحاول الباحث التعليق على بعضها في هذا المبحث.
وهذه المصطلحات الاعتقالية الخاصة دليل القدرة الإبداعية للمجتمع الاعتقالي.
بعض المصطلحات ودلالتها النفسية:
اصطلح المجتمع الاعتقالي على مدى حوالي ربع قرن من الاعتقال، على التخاطب فيما بينهم بألفاظ، حملت مدلولات اصطلاحية خاصة نذكر بعضها ونعلق على مدلولها النفسي إن وجد:
1- العصفور:
لغة[i][i]: جنس طير من الجواثم المخروطيات المناقير، الأنثى: عصفورة.
اصطلاحاً: العميل الذي اكتشف وفضح أمره في المعتقل.
2- القرن:
لغة[ii][ii]: القرن في القوم الوجيه والظاهر.
اصطلاحاً: لفظ يطلق على كبار العملاء ورؤوسهم.
القرن يثير في النفس شعوراً بالتقزز والاشمئزاز وعدم الارتياح، فكم من الجرائم ارتكب وكم من الحرمات انتهك، كما تتلبس المعتقل رغبة في القصاص والانتقام من هذا النفر الخائن.
3- المواخير(غرف العار):
لغة[iii][iii]: الماخور: بيت الريبة ومجمع أهل الفسق والفساد(ج) مواخر أو مواخير.
اصطلاحاً: هي غرف خاصة بالعملاء الهاربين من أيدي العدالة في السجون، وهي تجمعات للعملاء المفضوح أمرهم، هدفها الإيقاع بالمعتقلين الجدد عديمي الخبرة الاعتقالية وذلك للحصول منهم على المعلومات لإثبات إدانتهم.
ذكرهم يثير في النفس شعور من التقزز، ورغبة جامحة في توعية أبناء الشعب الفلسطيني، فهم أخطر في التحقق من المخابرات الصهيونية، إذ أن الحالات المستعصية على المخابرات الصهيونية، إذ أن الحالات المستعصية على المخابرات والمحققين الصهيونيين، يؤتى بها إلى غرف العار للإيقاع بالضحايا والمعتقلين عديمي الخبرة.
4- القرنة:
لغة: لفظة عامية فلسطينية وتعنى الزاوية.
اصطلاحاً: عملية التحقيق مع العملاء.
تثير في النفس شعور من الارتياح، لأن الخائن قد انكشف أمره، وسيأخذ جزاءه على ما اقترف في حق الوطن.
5- طير:
لغة: بمعنى ارتفع في السماء.
اصطلاحاً: هي عملية هروب العميل من بين أيدي المعتقلين أو عملية سحب الإدارة للعميل عند اقتراب افتضاح أمره.
إن هذه العملية تثير في النفس شعوراً بالندم واللوم وعض الأنامل غيظاً، لأن الخائن لم ينل عقابه الذي يستحق.
6- الصقر:
لغة[iv][iv]: من جوراح الطير من الفصيلة الصقرية(ج) أصقر وصقور.
اصطلاحاً: تطلق على المعتقل الذي ينفذ حكم الإعدام في العميل أو أكثر ويتحمل مسؤولية ذلك أمام إدارة المعتقل.
إن ذلك يثير في نفوس المعتقلين شعوراً من الزهور والفرح والثقة، فالشعب الفلسطيني لم يزل يقدم الأبطال، وأن العدالة لا بد أن تعاقب كل الخونة ممن باعوا أنفسهم وأهليهم للعدو الصهيوني.
7- الكبسولة:
لغة[v][v]: (في القذيفة): جزء يحتوي على مادة سريعة الاشتعال، تشتعل فيبدأ التفجير.
اصطلاحاً: هي لفافة من الورق الشفاف أسطوانية الكل، يبلغ طولها حوالي 2-5 سم ونصف قطرها 0.75سم، تحوي معلومات سرية أو مواد خاصة بالأرشيف مغلفة بإحكام بمادة بلاستيكية، يبلعها المعتقل عند الخطر أو في حالة الانتقال من سجن إلى آخر أو عند تحرره من القيد.
وهي تثير في النفس شعوراً بالثقة، وقدرة المعتقلين على ابتكار وسائل متجددة، وأن إرادة المعتقلين أقوى من إرادة جلاديهم.
8- الكبسية:
لغة[vi][vi]: كبس عليهم، بمعنى اقتحم.
اصطلاحاً: عملية الاعتقال للمجاهد الفلسطيني عندما تتم من البيت أو مخبئه.
تعيد إلى ذاكرة المعتقل خيالات العذاب وصور التنكيل والإجرام التي ترافق عملية الاعتقال، كما تذكر بالأحزان حيث فراق الأم والزوجة والولد.
9- الحاكيراه: كلمة عبرية بمعنى التحقيق.
اصطلاحاً: هي مكان وعملية التحقيق مع المعتقلين.
تثير في النفس خيالات التعذيب والتنكيل وتظهر مدى فظاعة وجرائم الاحتلال، وتؤكد على شعور الانتقام.
10- الشبح:
لغة[vii][vii]: شبح الشخص: مده ليجلده أو مده المصلوب، شبح الرجل شباحة: أي امتلأت ذراعه، وبعد ما بين منكبيه، فهو مشبوح الذراعين.
اصطلاحاً: هي أوضاع مختلفة غير مريحة، يكون فيها المعتقل أثناء التحقيق معه، وتستمر لفترات طويلة، ومنها صور مختلفة.
تذكَّر المعتقل بالآلام الجمة التي كان يعانيها أثناء التحقيق. وصور الأوضاع المرعبة التي كان فيها.
11- مسبار: كلمة عبرية تعني الرقم.
اصطلاحاً: هو الرقم الذي ينادي به المعتقل بدلاً من اسمه داخل المعتقل.
وهي تثير في النفس شعوراً بالدونية، ولذلك تجد المعتقلين يكرهون ذكر ذلك، فالاحتلال يحاول بذلك تفريغهم من مضمونهم الإنساني.
12- شحرور: كلمة عبرية بمعنى إفراج.
اصطلاحاً: هي تعبير عن عملية الإفراج عن المعتقل.
وهذه الكلمة هي أحب كلمة في القاموس العبري إلى نفوس المعتقلين، فهم يدعون بها حتى في صلواتهم،"اللهم ارزقنا شحروراً" أي فرج كربنا وفك أسرنا.
وعند قدوم الشرطي، وفور قراءته لبعض الأرقام "الشحارير" ينقلب حال المعتقلين فتبدأ الأناشيد ومراسيم الوداع، فيصطف المعتقلون جميعاً ويقوم المفرج عنهم بوداع الجميع بحرارة وصدق وعواطف جياشة.
13- القمعة:
لغة[viii][viii]: قمع الشراب قمعاً: مر من الحلق مراً بغير جرع، وفلاناً ضربه بالمقمعة.
اصطلاحاً: هي عملية التفتيش الفجائية التي تقوم بها إدارة المعتقل، لأماكن سكن المعتقلين، أو كذلك لفظ يطلق على عمليات العقاب الجماعية للمعتقلين.
إن هذه العملية، كانت تقلب حال المعتقل، رأساً على عقب، إذ تدب حركة غير عادية عند كل الفصائل والتنظيمات، فكل منها يحاول إخفاء المواد الخاصة بالتنظيم كي لا يقع في أيدي إدارة المعتقل، أما بعد القمعة، يقوم المعتقلون بترتيب أغراضهم التي عاثت فيها سلطات المعتقل فساداً وتخريباً.
الزنزانة: هي لفظة دارجة بمعنى للمكان الضيق.
اصطلاحاً: هي مكان ضيق، يعاقب المعتقل بالسجن فيه.
الشمعة:
لغة:[ix][ix]واحدة الشمع، وهي أيضاً وحدة تقاس بها شدة إضاءة المصباح.
اصطلاحاً: عبارة عن قطعة من القماش المبللة بمادة دهنية، ومطوية على قطعة من الكرتون على شكل أسطوانة، يستخدمها المعتقلون من مصادر الوقود لإعداد الشاي، ويطلق عليها أيضاً اسم"فتيلة".
وهي تظهر أن للمجتمع الاعتقالي مجتمع مبدع.
16-الجلسة:
لغة[x][x]: جلس الإنسان جلوساً ومجلساً: قعد والجلس، مرة الجلوس، وحصة من الوقت يجلس فيها جماعة مختصون للنظر في شأن من الشؤون الخاصة بهم.
اصطلاحاً: هي حلقة الدرس اليومية.
17- الشوتير: كلمة عبرية تطلق على الشرطي.
18- الخيال: كلمة عبرية تطلق على الجندي، وهو جندي الحراسة.
19- الخوفيش: كلمة عبرية تطلق على الممرض.
20- القبر(الثلاجة).
لغة: المكان الذي يدفن فيه الميت.
اصطلاحاً: هو مكان مظلم ضيق بارد شتاءً، مرتفع الحرارة صيفاً، يستخدم في انتزاع المعلومات من المعتقلين، وذلك بإلقاء المعتقل فيه فترة من الوقت।
· تغطية الوجه والرأس :
حيث يتعرض الأسير لتغطية وجه بكيس قذر مما يؤدي إلى تشويش الذهن وإعاقة التنفس
· الشبح :
أي وقوف أو جلوس الأسير في أوضاع مؤلمة لفترة طويلة وغالباً ما يتم إجلاس الأسير عل كرسي صغير لا تتجاوز قاعدة 25 سم × 25 سم وارتفاعه حوالي 30 سم وتقيد يديه إلى الخلف .
· الحرمان من النوم :
حيث يحرم الأسير من النوم لفترت طويلة
· الحبس في غرفة ضيقة :
حيث يحبس الأسير في زنزانة ضيقة جداً يصعب فيها الجلوس أو الوقوف بشكل مريح .
· الحرمان من الطعام :
حيث يحرم الأسير من بعض الوجبات الغذائية إلى بالقدر الذي يبقي الأسير حياً ولا يتم إعطاء الأسير الوقت الكافي لتناول الطعام .
· الضرب المبرح :
حي يتعرض الأسير للصفع والركل والخنق والضرب على الأماكن الحساسة والحرق بأعقاب السجائر والتعرض للصدمات الكهربائية.
· التعرض للموسيقى الصاخبة :
حيث تعرض الأسير للموسيقى الصاخبة التي تؤثر على الحواس .
· التهديد بإحداث إصابات وعاهات :
حيث يتم تهديد الأسير بأنه سوف يصاب بالعجز الجسدي والنفسي قبل مغادرة التحقيق .
· الحط من كرامة الأسير :
حيث يرغم الأسير على القيام بأمور من شأنها الحط من كرامته
· تهديد الأسير بالاغتصاب والاعتداء الجنسي عليه أو على زوجته وذويه .
· اعتقال الأقارب من أجل الضغط على الأسير .
· حبس الأسير مع العملاء :
حيت يتم وضع الأسير مع مجموعة من العملاء الذين يعملون لحساب المخابرات الإسرائيلية .
· أسلوب الهز :
حيث يقوم المحقق بالإمساك بالأسير وهزه بشكل منظم وبقوة وسرعة كبيرةمن خلال مسك ملابسة بحيث يهتز العنق والصدر والكتفين الأمر يؤدي إلى إصابة الأسير بحالة إغماء ناتجة عن ارتجاج في الدماغ .
· عرض الأسير على ما يسمى بجهاز فحص الكذب .
· تعريض الأسير لموجات باردة شتاء وموجات حارة صيفاً أو كلاهما معاً .
· حرمان الأسير من قضاء الحاجة .
· إجبار الأسير على القيام بحركات رياضية صعبة ومؤلمة ( وضع القرفصاء
· أو جلسة الضفدع لفترة طويلة وفي حالات يضع المحقق الكرسي لضمان عدم تحرك السجين ) .

وكان تقرير أعدته مؤسسة بتسيلم الإسرائيلية في حزيران 1998 قد أكد أن أكثر من 850 سجيناً فلسطينياً يتعرضون لأشكال متنوعة من التعذيب كل سنة وأن محققي الشباك يستخدمون أثناء تحقيقهم واستجوابهم للأسرى الفلسطينيين أكثر من 105 وسيلة للتعذيب .